﴿قالوا﴾ فظاظة وغلظة ﴿اطيرنا﴾ أي: تشاءمنا ﴿بك وبمن معك﴾ أي: وبمن آمن بك، وذلك أن الله تعالى قد أمسك عنهم المطر في ذلك الوقت وقحطوا، فقالوا حل بنا هذا الضرر والشدّة من شؤمك وشؤم أصحابك، قال الزمخشري: كان الرجل يخرج مسافراً فيمرّ بطائر فيزجره فإن مرّ سانحاً تيمن وإن مرّ بارحاً تشائم، قال الجوهريّ: السنيح والسانح ما ولاك ميامنه من ظبي أو طائر وغيرهما وبرح الظبي بروحاً إذا ولاك مياسره يمرّ من ميامنك إلى مياسرك والعرب تتطير بالبارح وتتفائل بالسانح، فلما نسبوا الخير والشرّ إلى الطائر استعير لما كان سببهما من قدر الله تعالى وقسمته تنبيه: أصل اطيرنا تطيرنا أدغمت التاء في الطاء واجتلبت همزة وصل.
ثم أجابهم صالح عليه السلام بأن ﴿قال﴾ لهم ﴿طائركم﴾ أي: ما يصيبكم من خير وشرّ ﴿عند الله﴾ أي: الملك الأعظم المحيط بكل شيء علماً وقدرة وهو قضاؤه وقدره وليس شيء منه بيد غيره، وسمي طائراً لسرعة نزوله بالإنسان، فإنه لا شيء أسرع من قضاء محتوم، وقال ابن عباس: الشؤم أتاكم من عند الله تعالى بكفركم، وقيل: طائركم عملكم عند الله سمي طائراً لسرعة صعوده إلى السماء، ومنه قوله تعالى: ﴿وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه﴾ (الإسراء: ١٣)
﴿بل أنتم قوم تفتنون﴾ قال ابن عباس: تختبرون بالخير والشرّ كقوله تعالى: ﴿ونبلوكم بالشرّ والخير فتنة﴾ (الأنبياء: ٣٥)
وقال محمد بن كعب: تعذبون، وقيل: يفتنكم الشيطان بوسوسته إليكم بالتطير، لما أخبر الله تعالى عن عامة هذا الفريق بالشرّ نبه على بعض شرّهم بقوله تعالى:
﴿وكان في المدينة﴾ أي: مدينة ثمود وهي الحجر ﴿تسعة رهط﴾ أي: رجال وإنما جاز تمييزاً لتسعة بالرهط لأنه في معنى الجماعة فكأنه قيل تسعة أنفس أو رجال كما قدّرته، والفرق بين الرهط والنفر أنّ الرهط من الثلاثة إلى العشرة أو من السبعة إلى العشرة والنفر من الثلاثة إلى التسعة.
(٧/١٣٩)