﴿أم من خلق السموات والأرض﴾ أي: التي هي أصول الكائنات ومبادئ المنافع، فإن قيل: ما الفرق بين أم وأم في ﴿أم ما يشركون﴾ و﴿أم من خلق السموات﴾؟ أجيب: بأنّ تلك متصلة لأنّ المعنى أيهما خير، وهذه منقطعة بمعنى بل والهمزة، لما قال الله خير أم الآلهة قال بل أم من خلق السموات والأرض خير تقريراً لهم بأنّ من قدر على خلق العالم خير من جماد لا يقدر على شيء ﴿وأنزل لكم﴾ أي: لأجلكم خاصة وأنتم تكفرون به وتنسبون ما تفرد به من ذلك لغيره ﴿من السماء ماء﴾ هو للأرض كالماء الدافق للأرحام ﴿فأنبتنا به حدائق﴾ جمع حديقة وهي البستان، وقيل: القطعة من الأرض ذات الماء.
قال الراغب: سميت بذلك تشبهاً بحدقة العين في الهيئة وحصول الماء فيها، وقال غيره: سميت بذلك لأحداق الجدران بها قاله ابن عادل، وليس بشيء لأنه يطلق عليها ذلك مع عدم الجدران ﴿ذات بهجة﴾ أي: بهاء وحسن ورونق وسرور على تقارب أصولها مع اختلاف أنواعها وتباين طعومها وأشكالها ومقاديرها وألوانها، ولما أثبت الإنبات له نفاه عن غيره بقوله تعالى: ﴿ما كان﴾ أي: ما صح وما تصوّر بوجه من الوجوه ﴿لكم﴾ وأنتم أحياء فضلاً عن شركائكم الذين هم أموات بل موات ﴿أن تنبتوا شجرها﴾ أي: شجر تلك الحدائق ﴿أإله مع الله﴾ أعانه على ذلك، أي: ليس معه إله ﴿بل هم﴾ أي: في ادعائهم معه سبحانه شريكاً ﴿قوم يعدلون﴾ أي: عن الحق الذي لا مرية فيه إلى غيره، وقيل: يعدلون عن هذا الحق الظاهر، ونظير هذه الآية أوّل سورة الأنعام، الثاني: منها قوله تعالى:
(٧/١٤٧)