﴿أم من يهديكم﴾ أي: يرشدكم إلى مقاصدكم ﴿في ظلمات البر﴾ أي: بالنجوم والجبال والرياح ﴿والبحر﴾ بالنجوم والرياح ﴿ومن يرسل الرياح﴾ أي: التي هي دلائل السير ﴿بُشراً﴾ أي: تنشر السحاب وتجمعها ﴿بين يدي رحمته﴾ أي: التي هي المطر تسمية للمسبب باسم السبب والرياح التي يهتدي بها في المقاصد أربع: التي من تجاه الكعبة الصبا، ومن ورائها الدبور، ومن جهة يمينها الجنوب، ومن شمالها الشمال ولكل منها طبع فالصبا حارة يابسة، والدبور باردة رطبة، والجنوب حارة رطبة، والشمال باردة يابسة وهي ريح الجنة التي تهب على أهلها جعلنا الله ووالدينا ومشايخنا وأصحابنا ومن انتفع بشيء من هذا التفسير ودعا لنا بالمغفرة منهم، وقرأ حمزة والكسائي وابن كثير الريح بالإفراد، والباقون بالجمع، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمر ونشراً بضم النون والشين وابن عامر بضم النون وسكون الشين، وحمزة والكسائي بفتح النون وسكون الشين وعاصم بالباء الموحدة مضمومة وسكون الشين، ولما انكشف بما مضى من الآيات ما كانوا في ظلامه من واهي الشبهات واتضحت الأدلة، ولم يبق لأحد في شيء من ذلك علة، كرّر سبحانه وتعالى الإنكار في قوله تعالى ﴿أإله مع الله﴾ أي: الذي كمل علمه ﴿تعالى الله﴾ أي: الفاعل القادر المختار ﴿عما يشركون﴾ به غيره، وأين رتبة العجز من رتبة القدرة، الخامس: منها قوله تعالى:
(٧/١٥٠)
﴿أم من يبدأ الخلق﴾ أي: كلهم في الأرحام من نطفة ما علمتم منهم وما لم تعلموا ﴿ثم يعيده﴾ أي: بعد الموت لأنّ الإعادة أهون، فإن قيل: كيف قيل: لهم ثم يعيده؟ أجيب: بأنهم كانوا مقرين بالابتداء ودلالته على الإعادة ظاهرة قوية لأنّ الإعادة أهون عليه من الابتداء، فلما كان الكلام مقروناً بالدلالة الظاهرة صاروا كأنهم لا عذر لهم في إنكار الإعادة لقيام البراهين عليها، ولما كان الإمطار والإنبات من أدلّ ما يكون على الإعادة قال مشيراً إليهما على وجه عمّ جميع ما مضى.


الصفحة التالية
Icon