﴿لقد وعدنا هذا﴾ أي: الإخراج من القبور كما كنا أوّل مرّة ﴿نحن وآباؤنا من قبل﴾ أي: قبل محمد فقد مرّت الدهور على هذا الوعد ولم يقع منه شيء فذلك دليل على أنه لا حقيقة له، فكأنه قيل: فما فائدة المراد به فقالوا ﴿إن﴾ أي: ما ﴿هذا إلا أساطير الأوّلين﴾ أي: أحاديثهم وأكاذيبهم التي كتبوها ولا حقيقة لها.
تنبيه: أساطير الأوّلين: جمع أسطورة بالضم أي: ما سطر من الكذب، فإن قيل: لم قدم في هذه الآية هذا، على نحن وآباؤنا، وفي آية أخرى قدم نحن وآباؤنا، على هذا؟ أجيب: بأنّ التقديم دليل على أنّ المقدّم هو الغرض المقصود بالذكر وأنّ الكلام إنما سيق لأجله، ففي إحدى الآيتين دل على أنّ إيجاد البعث هو الذي تعمد بالكلام وفي الأخرى على أنّ إيجاد المبعوث بذلك الصدد، ثم أمر الله تعالى نبيه ﷺ أن يرشدهم بما في صورة التهديد بقوله تعالى:
(٧/١٥٥)
﴿قل سيروا في الأرض﴾ أي: أيها العمي الجاهلون ﴿فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين﴾ بإنكارهم وهي هلاكهم بالعذاب فإنكم إن نظرتم وتأمّلتم أخبارهم حق التأمّل أسرع بكم ذلك إلى التصديق فنجوتم وإلا هلكتم كما هلكوا، وأراد بالمجرمين الكافرين، فإن قيل: فلم لم يقل عاقبة الكافرين؟ أجيب: بأنّ هذا يحصل به التخويف لكل العصاة، ثم إنّ الله تعالى صبر نبيه ﷺ على ما يناله من جلافتهم وعماهم عن السبيل الذي هدى إليه الدليل بقوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon