﴿ولا تحزن عليهم﴾ أي: في عدم إيمانهم فإنما عليك البلاغ ﴿ولا تكن في ضيق مما يمكرون﴾ أي: لا تهتم بمكرهم عليك فأنا ناصرك عليهم وجاعل تدميرهم في تدبيرهم كطغاة قوم صالح، تنبيه: الضيق الحرج يقال ضاق الشيء ضيقاً وضيقاً بالفتح والكسر، ولهذا قرأ ابن كثير بكسر الضاد، والباقون بالفتح، ولما أشار تعالى إلى أنهم لم يبقوا في المبالغة في التكذيب بالساعة وجهاً أشار تعالى إلى أنهم في التكذيب بالوعيد بالساعة وغيرها من عذاب الله أشدّ مبالغة بقوله تعالى:
﴿ويقولون﴾ بالمضارع المؤذن بالتجدّد كل حين والاستمرار ﴿متى هذا الوعد﴾ أي: العذاب والبعث والمجازاة الموعود بها وسموه وعداً إظهاراً لمجيئه تهكماً به ﴿إن كنتم﴾ أي: أنت ومن تبعك ﴿صادقين﴾ فيه، ثم أمر الله تعالى نبيه ﷺ أن يجيبهم بقوله تعالى:
﴿قل﴾ لهم ﴿عسى أن يكون ردف لكم﴾ أي: تبعكم وردفكم ولحقكم، فاللام مزيدة على هذا للتأكيد كالباء في قوله ﴿ولا تلقوا بأيديكم﴾ (البقرة، ١٩٥)
ويصح أن يكون تضمن ردف معنى فعل فتعدى باللام نحو دنا وقرب وأردف وبهذا فسره ابن عباس، وقد عدّي بمن في قول القائل:
*فلما ردفنا من عمير وصحبه | تولوا سراعاً والمنية تعنق* |
يعني دنونا من عمير ﴿بعض الذي تستعجلون﴾ أي: فحصل لهم القتل ببدر وباقي العذاب يأتي بعد الموت، تنبيه: عسى ولعلّ وسوف في مواعيد الملوك كالجزم بها، وإنما يطلقون إظهاراً لوقارهم وإشعاراً بأنّ الرمز منهم كالتصريح من غيرهم وعليه جرى وعد الله ووعيد، ولما كان التقدير فإنّ ربك لا يعجل على هذا العاصي بالانتقام مع تمام قدرته عطف عليه.
﴿وإن ربك﴾ أي: المحسن إليك بالحلم على أمّتك ﴿لذو فضل﴾ أي: تفضل وإنعام ﴿على الناس﴾ أي: كافة ﴿ولكن أكثرهم لا يشكرون﴾ أي: لا يعرفون حق النعمة له ولا يشكرونه بل يستعجلون بجهلهم العذاب، قال ابن عادل: وهذه الآية تبطل قول من قال لا نعمة لله على كافر.