﴿وإن ربك﴾ أي: والحال أنه ﴿ليعلم ما تكنّ﴾ أي: تضمر وتسرّ وتخفي ﴿صدورهم﴾ أي: الناس كلهم فضلاً عن قومك ﴿وما يعلنون﴾ أي: يظهرون من عداوتك وغيرها فيجازيهم على ذلك.
﴿وما من غائبة في السماء والأرض﴾ أي: في أيّ موضع كان منهما، وأفردهما دلالة على إرادة الجنس الشامل لكل فرد تنبيه: في هذه التاء قولان: أحدهما: أنها للمبالغة كراوية وعلاّمة في قولهم ويل للشاعر من راوية السوء، كأنه تعالى قال وما من شيء شديد الغيبوبة والخفاء إلا وقد علمه الله تعالى، والثاني: أنها كالتاء الداخلة على المصادر نحو العاقبة والعافية، قال الزمخشريّ: ونظيرها الذبيحة والنطيحة والرمية في أنها أسماء غير صفات ﴿إلا في كتاب﴾ هو اللوح المحفوظ كتب فيه ذلك قبل إيجاده لأنه لا يكون شيء إلا بعلمه وتقديره ﴿مبين﴾ أي: ظاهر لمن ينظر فيه من الملائكة، ولما تمم تعالى الكلام في إثبات المبدأ والمعاد ذكر بعده ما يتعلق بالنبوّة بقوله تعالى:
(٧/١٥٧)
﴿إنّ هذا القرآن﴾ أي: الآتي به هذا النبيّ الأميّ الذي لم يعرف قبله علماً ولا خالط عالماً ﴿يقص على بني إسرائيل﴾ أي: الموجودين في زمان نبينا ﷺ ﴿أكثر الذي هم فيه يختلفون﴾ أي: من أمر الدين وإن بالغوا في كتمه كقصة الزاني المحصن في إخفائهم أنّ حدّه الرجم، وقصة عزيز والمسيح، وإخراج النبي ﷺ ذلك مما في توراتهم فصح بحقيقته على لسان من لم يلمّ بعلم قط نبوّته ﷺ لأنّ ذلك لا يكون إلا من عند الله، ثم وصف تعالى فضل هذا القرآن بقوله تعالى:
(٧/١٥٨)
﴿وإنه لهدى﴾ أي: من الضلالة لما فيه من الدلائل على التوحيد والحشر والنشر والنبوّة وشرح صفات الله تعالى ﴿ورحمة﴾ أي: نعمة وإكرام ﴿للمؤمنين﴾ أي: الذين طبعهم على الإيمان فهو صفة لهم راسخة كما أنه للكافرين وقر في آذانهم وعمى في قلوبهم، ولما ذكر تعالى دليل فضله أتبعه دليل عدله بقوله تعالى:
(٧/١٥٩)