﴿وما أنت بهادي العمي﴾ أي: في أبصارهم وبصائرهم مزيلاً لهم وناقلاً ومبعداً ﴿عن ضلالتهم﴾ أي: عن الطريق بحيث تحفظهم عن أن يزلوا عنها أصلاً فإنّ هذا لا يقدر عليه إلا الحيّ القيوم، وقرأ حمزة تهدي بتاء فوقيه وسكون الهاء والعمي بنصب الياء، والباقون بالباء الموحدة مكسورة وفتح الهاء بعدها ألف والعمي بكسر الياء، ولما كان هذا ربما أوقف عن دعائهم رجاه في انقيادهم وارعوائهم بقوله تعالى: ﴿إن﴾ أي: ما ﴿تسمع﴾ أي: سماع انتفاع على وجه الكمال في كل حال ﴿إلا من يؤمن﴾ أي: من علمنا أنه يصدّق ﴿بآياتنا﴾ بأن جعلنا فيه قابلية السمع، ثم تسبب عنه قوله دليلاً على إيمانه ﴿فهم مسلمون﴾ أي: مخلصون في غاية الطواعية لك كما في قوله تعالى: ﴿بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن﴾ (البقرة: ١١٢)
أي: جعله سالماً خالصاً، ثم ذكر تعالى ما يوعدون مما تقدّم استعجالهم له استهزاء بقوله تعالى:
﴿وإذا وقع القول عليهم﴾ أي: مضمون القول وهو ما وعدوا به من قيام الساعة والعذاب، ووقوعه حصوله، أو أطلق المصدر على المفعول أي: المقول ﴿أخرجنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿لهم﴾ حين مشارفة العذاب والساعة وظهور أشراطها حين لا تنفع التوبة ﴿دابة من الأرض﴾ وهي الجساسة جاء في الحديث: «إن طولها ستون ذراعاً لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب» وروي: «أنّ لها أربع قوائم وزغباً وهو شعر أصفر على ريش الفرخ وريشاً وجناحين».
وعن ابن جريج في وصفها فقال: رأسها رأس الثور، وعينها عين الخنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيل وعنقها عنق نعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هرّ، وذنبها ذنب كبش، وخفها خف بعير وما بين المفصلين اثنا عشر ذراعاً بذراع آدم عليه السلام، وروي أنها لا تخرج إلا رأسها ورأسها يبلغ عنان السماء أي: يبلغ السحاب، وعن أبي هريرة فيها من كل لون وما بين قرنيها فرسخ للرّاكب، وعن الحسن لا يتم خروجها إلا بعد ثلاثة أيام.
(٧/١٦١)