﴿ألم يروا﴾ مما يدلهم على قدرتنا على بعثهم بعد الموت وعلى كل ما أخبرناهم به ﴿أنا جعلنا﴾ أي: بعظمتنا الدالة على نفوذ مرادنا وفعلنا بالاختيار ﴿الليل﴾ أي: مظلماً ﴿ليسكنوا فيه﴾ عن الانتشار ﴿والنهار مبصراً﴾ أي: يبصر فيه ليتصرفوا فيه ويبتغوا من فضل الله فحذف من الأوّل ما ثبت نظيره في الثاني، ومن الثاني ما ثبت نظيره في الأول إذ التقدير جعلنا الليل مظلماً كما مرّ ليسكنوا فيه والنهار مبصراً ليتصرفوا فيه كما مرّ فحذف مظلماً لدلالة مبصراً وليتصرفوا لدلالة لتسكنوا فيه وقوله تعالى: ﴿مبصراً﴾ كقوله تعالى: ﴿آية النهار مبصرة﴾ (الإسراء: ١٢)
وتقدم الكلام على ذلك في الإسراء.
قال الزمخشري فإن قلت ما للتقابل لم يراع في قوله تعالى ليسكنوا ومبصراً حيث كان أحدهما علة والآخر حالاً؟ قلت: هو مراعى من حيث المعنى وهكذا النظم المطبوع غير المتكلف لأنّ معنى مبصراً ليبصروا فيه طرق التقلب في المكاسب، وأجاب غيره بأنّ السكون في الليل هو المقصود ولأن وسيلة إلى جلب المنافع الدينية والدنيوية ﴿إن في ذلك﴾ أي: هذا المذكور ﴿لأيات﴾ أي: دلالات بينة على التوحيد والبعث والنبوّة وغير ذلك وخص المؤمنين بقوله تعالى: ﴿لقوم يؤمنون﴾ لأنهم المنتفعون به وإن كانت الأدلة للكل كقوله تعالى: ﴿هدى للمتقين﴾ (البقرة: ٢)
ولما ذكر تعالى هذا الحشر الخاص والدليل على مطلق الحشر ذكر الحشر العام بقوله تعالى:
(٧/١٦٥)