وقرأ حمزة والكسائي: ويري بالياء مفتوحة وفتح الراء مع الإمالة وسكون الياء بعد الراء ورفع فرعون وهامان وجنودهما مضارع رأى مسند إلى فرعون وما عطف عليه فلذلك رفعوا، وقرأ الباقون: بالنون مضمومة وكسر الراء وفتح الياء بعدها ونصب الأسماء الثلاثة مضارع أرى فلذلك نصب فرعون وما عطف عليه مفعولاً أوّل وما كانوا هو الثاني، ثم ذكر تعالى أوّل نعمة منّ بها على الذين استضعفوا بقوله تعالى:
(٧/١٧٨)
﴿وأوحينا﴾ أي: وحي إلهام أو منام ﴿إلى أمّ موسى﴾ لا وحي نبوّة، قال قتادة: قذفنا في قلبها واسمها يوحا وهي بنت لاوي بن يعقوب، وهذا هو الذي أمضينا في قضائنا أن يُسمى بهذا الاسم وأن يكون هلاك فرعون وزوال ملكه على يده بعد أن ولدته وخافت أن يذبحه الذابحون ﴿أن أرضعيه﴾ ما كنت آمنة عليه ولم يشعر بولادته غير أخته، قيل أرضعته ثمانية أشهر، وقيل: أربعة أشهر، وقيل: ثلاثة أشهر كانت ترضعه في حجرها وهو لا يبكي ولا يتحرّك، وقد روي أنها أرضعته ثلاثة أشهر في تابوت من برديّ مطليّ من داخله بالقار ﴿فإذا خفت عليه﴾ أي: منهم أن يصيح فيسمع فيذبح ﴿فألقيه﴾ أي: بعد أن تضعيه في شيء يقيه من الماء ﴿في اليمّ﴾ وهو البحر ولكن أراد هنا النيل ﴿ولا تخافي﴾ أي: لا يتجدد لك خوف أصلاً من أن يغرق أو يموت من ترك الرضاع ﴿ولا تحزني﴾ أي: ولا يوجد لك حزن لوقوع فراقه، فإن قيل ما المراد بالخوفين حتى أوجب أحدهما ونهى عن الآخر؟ أجيب: بأنّ الخوف الأوّل هو الخوف عليه من القتل لأنه كان إذا صاح خافت عليه أن يسمع الجيران صوته فينمُّوا عليه، وأما الثاني، فالخوف من الغرق ومن الضياع ومن الوقوع في بعض العيون المبعوثة من قبل فرعون في تطلب الولدان وغير ذلك من المخاوف، فإن قيل ما الفرق بين الخوف والحزن؟.


الصفحة التالية
Icon