واختلف في الشجرة ما هي؟ فقال ابن مسعود: كانت سمرة خضراء، وقال قتادة ومقاتل والكلبي: كانت عوسجة، وقال وهب: من العليق، وعن ابن عباس أنها العناب، ثم ذكر المنادى به بقوله تعالى: ﴿أن يا موسى﴾ فأَنْ هي مفسرة لا مخففة ﴿إنّي أنا الله﴾ أي: المستجمع للأسماء الحسنى والصفات العليا، وفتح الياء نافع وابن كثير وأبو عمرو وسكنها الباقون ثم وصف نفسه سبحانه تعالى بقوله ﴿رب العالمين﴾ أي: خالق الخلائق أجمعين ومربيهم، قال البيضاوي: هذا وإن خالف ما في طه والنمل في اللفظ فهو طبقه في المقصود انتهى، وقال ابن عادل: واعلم أنه تعالى قال في سورة النمل ﴿نودي أن بورك من في النار ومن حولها﴾ (النمل: ٨)
وقال ههنا ﴿إني أنا الله رب العالمين﴾ وقال في سورة طه ﴿إني أنا ربك﴾ ولا منافاة بين هذه الأشياء فهو تعالى ذكر الكل إلا أنه تعالى حكى في كل سورة ما اشتمل عليه ذلك النداء، ثم إنّ الله تعالى أمره أن يلقي عصاه ليريه آية بقوله تعالى:
﴿وأن ألق عصاك﴾ أي: لأريك فيها آية فألقاها فصارت في الحال حية عظيمة وهي مع عظمها في غاية الخفة ﴿فلما رآها﴾ أي: العصا ﴿تهتز﴾ أي: تتحرّك كأنها في سرعتها وخفتها ﴿جانّ﴾ أي: حية صغيرة ﴿ولى مدبراً﴾ خوفاً منها ولم يلتفت إلى جهتها وهو معنى قوله تعالى ﴿ولم يعقب﴾ أي: موسى عليه السلام وذلك كناية عن شدّة التصميم على الهرب والإسراع فيه خوفاً من الإدراك في الطلب فقيل له ﴿يا موسى أقبل﴾ أي: التفت وتقدّم إليها ﴿ولا تخف﴾ ثم أكد له الأمر لما الآدميُّ مجبول عليه من النفرة وإن اعتقد صحة الخبر بقوله تعالى: ﴿إنك من الآمنين﴾ أي: العريقين في الأمن كعادة إخوانك من المرسلين فإنه لا يخاف لديّ المرسلون ثم زاد طمأنينة بقوله تعالى:
(٧/٢١٥)


الصفحة التالية
Icon