ومن بدع التفاسير أن الرهب الكمّ بلغة حمير وأنهم يقولون أعطني ما في رهبك وليت شعري كيف صحته في اللغة وهل سمع من الأثبات الثقات الذين ترضى عربيتهم ثم ليت شعري كيف وقعه في الآية وكيف تطبيقه المفصل كسائر كلمات التنزيل على أن موسى عليه السلام ما كان عليه ليلة المناجاة إلا زرمانقة من صوف لا كمين لها انتهى.
ويحتمل أن يكون لها كمّ قصير فمن نفى نظر إلى قصره ومن أثبت نظر إلى أصله وحينئذٍ لا تعارض، وفي البغوي عن ابن عباس: أن الله تعالى أمره أن يضم يده إلى صدره ليذهب عنه الروع وما ناله من الخوف عند معاينة الحية وقال: وما من خائف بعد موسى عليه السلام إلا إذا وضع يده على صدره زال خوفه، وقال مجاهد: وكل من فزع فضمّ جناحه إليه ذهب عنه الفزع، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بفتح الراء والهاء وحفص بفتح الراء وسكون الهاء، والباقون بضمّ الراء وسكون الهاء، والكل لغات، ولما تم كونه آية بانقلابها إلى البياض ثم رجوعها إلى لونها قال الله تعالى: ﴿فذانك﴾ أي: العصا واليد البيضاء، وشدد ابن كثير وأبو عمرو النون، وخففها الباقون ﴿برهانان﴾ أي: سلطانان وحجتان قاهرتان مرسلان ﴿من ربك﴾ أي: المحسن إليك لا يقدر على مثلهما غيره ﴿إلى فرعون وملإيه﴾ أي: وأنت مرسل بهما إليهم كلما أردت ذلك وجدته لا أنهما يكونان لك هنا في هذه الحضرة فقط، فإن قيل لم سميت الحجة برهاناً؟ أجيب: بأنّ ذلك لبياضها وإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء برهرهة بتكرير العين واللام معاً والدليل على زيادة النون قولهم أبره الرجل إذا جاء بالبرهان ونظيره تسميتهم إياها سلطاناً من السليط وهو الزيت لإنارتها، ثم علل الإرسال إليهم على وجه إظهار الآيات لهم واستمرارها بقوله:
(٧/٢١٧)


الصفحة التالية
Icon