وقرأ عاصم وحمزة بضم القاف على الاستئناف أو الصفة لردءاً والباقون بالسكون جواباً للأمر، قال الرازي: ليس الغرض بتصديق هارون أن يقول له صدقت أو يقول للناس صدق موسى وإنما هو أن يخلص بلسانه الفصيح وجوب الدلائل ويجيب عن الشبهات ويجادل به الكفار فهذا هو التصديق المفيد، وفائدة الفصاحة إنما تظهر في ذلك لا في مجرّد قوله صدقت، قال السدي: نبيان وآيتان أقوى من نبي واحد وآية واحدة وهذا ظاهر من جهة العادة وأما من جهة الدلالة فلا فرق بين معجز ومعجزين، ثم علل سؤاله هذا بقوله ﴿إني أخاف أن يكذبون﴾ أي: فرعون وقومه ولساني لا يطاوعني عند المحاجة.
﴿قال﴾ الله تعالى له مجيباً لسؤاله ﴿سنشدّ عضدك﴾ أي: أمرك ﴿بأخيك﴾ أي: سنقويك ونعينك به ﴿ونجعل لكما سلطاناً﴾ أي: ظهوراً عظيماً وغلبة لهم بالحجج والهيبة لأجل ما ذكرت من الخوف ﴿فلا﴾ أي: فتسبب عن ذلك أنهم لا ﴿يصلون إليكما﴾ بنوع من أنواع الغلبة ﴿بآياتنا﴾ أي: نجعل ذلك بسبب ما يظهر على أيديكما من الآيات العظيمة بنسبتها إلينا ولذلك كانت النتيجة ﴿أنتما ومن اتبعكما﴾ من قومكما وغيرهم ﴿الغالبون﴾ أي: لا غيركم وهذا يدل على أنّ فرعون لم يصل إلى السحرة بشيء مما هددهم به لأنهم من أكبر الأتباع الباذلين أنفسهم في الله تعالى وليس في القرآن ما يدل على أنه فعل بهم ما أوعدهم به.
قال البقاعي: وكأنه حذف أمرهم هنا لأنه في بيان أمر فرعون وجنوده بدليل ما كرّر من ذكرهم وقد كشفت العاقبة عن أنّ السحرة ليسوا من جنوده بل من حزب الله تعالى وجنده، ومع ذلك فقد أشار إليهم بهذه الآية والتي بعدها. اه ولما كان التقدير فأتاهم كما أمره الله تعالى وعاضده أخوه كما أخبر الله تعالى ودعاهم إلى الله تعالى وأظهرا ما أمرا به من الآيات بنى عليه مبيناً بالفاء سرعة امتثاله.
(٧/٢١٩)


الصفحة التالية
Icon