﴿فلما جاءهم﴾ أي: فرعون وقومه ولما كانت رسالة هارون عليه السلام إنما هي تأييد لموسى عليه السلام أشار إلى ذلك بالتصريح باسم الجائي بقوله تعالى: ﴿موسى بآياتنا﴾ أي: التي أمرناه بها الدالة على جميع الآيات للتساوي في خرق العادة حال كونها ﴿بينات﴾ أي: في غاية الوضوح ﴿قالوا﴾ أي: فرعون وقومه ﴿ما هذا﴾ أي: الذي أظهرته من الآيات ﴿إلا سحر مفترى﴾ أي: مختلق لا أنه معجزة من عند الله ثم ضموا إليه ما يدل على جهلهم وهو قولهم ﴿وما سمعنا﴾ أي: ما حدّثنا ﴿بهذا﴾ أي: الذي تدعونا إليه وتقوله من الرسالة عن الله تعالى ﴿في آبائنا﴾ وأشاروا إلى البدعة التي أضلت كثيراً من الخلق وهي تحكيم عوائد التقليد لا سيما عند تقادمها على القواطع في قولهم ﴿الأولين﴾ وقد كذبوا وافتروا لقد سمعوا بذلك على أيام يوسف عليه السلام.
*وما بالعهد من قدم*
﴿فقد قال لهم الذي آمن﴾ يا قوم أني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب إلى قوله ﴿ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات﴾.
﴿و﴾ لما كذبوه وهم الكاذبون ﴿قال﴾ لهم ﴿موسى ربي﴾ أي: المحسن إليّ ﴿أعلم﴾ أي: عالم ﴿بمن جاء بالهدى﴾ أي: الذي أذن الله تعالى فيه وهو حق في نفسه ﴿من عنده﴾ فيعلم أني محق وأنتم مبطلون، وقرأ ابن كثير بغير واوٍ قبل القاف لأنه قاله جواباً لمقالهم، والباقون بالواو لأنّ المراد حكاية القولين ليوازن الناظر بينهما ليميز صحيحهما من فاسدهما ﴿ومن تكون له﴾ أي: لكونه منصوراً مؤيداً ﴿عاقبة الدار﴾ أي: الراحة والسكن والاستقرار، فإن قيل: العاقبة المحمودة والمذمومة كلتاهما يصح أن تسميا عاقبة الدار لأنّ الدنيا إما أن تكون خاتمتها بخير أو بشر فلم اختصت خاتمتها بالخير بهذه التسمية دون خاتمها بالشرّ؟.
(٧/٢٢١)


الصفحة التالية
Icon