﴿وما كنت﴾ أي: يا أفضل الخلق ﴿بجانب الغربي﴾ قال قتادة: بجانب الجبل الغربي، وقال الكلبي: بجانب الوادي الغربي أي: الوادي من الطور الذي رأى موسى عليه السلام فيه النار وهو ما يلي البحر من جهة الغرب على يمين المتوجه إلى ناحية مكة المشرّفة من ناحية مصر فناداه فيه العزيز الجبار وهو ذو طوى ﴿إذ﴾ أي: حين ﴿قضينا﴾ أي: أوحينا ﴿إلى موسى الأمر﴾ أي: أمر الرسالة إلى فرعون وقومه وما يريد أن يفعل من ذلك في أوّله وأثنائه وآخره مجملاً فكان كل ما أخبرنا به مطابقاً تفصيله لإجماله ﴿وما كنت﴾ أي: بوجه من الوجوه ﴿من الشاهدين﴾ لتفاصيل ذلك الأمر الذي أجملناه لموسى عليه السلام حتى تخبر به كله على هذا الوجه الذي آتيناك به في هذه الأساليب المعجزة، ولا شك أنّ معرفتك لذلك من قبيل الأخبار عن المغيَّبات التي لا تعرف إلا بالوحي ولذلك استدرك عنه بقوله تعالى:
﴿ولكنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿أنشأنا﴾ بعدما أهلكنا أهل ذلك الزمان الذين علموا هذه الأمور بالمشاهدة وهم السبعون المختارون للميقات أو بالإخبار كلهم ﴿قروناً﴾ أي: أمما كثيرة بعد موسى عليه السلام ﴿فتطاول﴾ أي: بمروره وعلوه ﴿عليهم العمر﴾ أي: ولكنا أوحينا إليك أنا أنشأنا قروناً مختلفة بعد موسى عليه السلام فتطاولت عليهم المدد فنسوا العهود واندرست العلوم وانقطع الوحي فحذف المستدرك وهو أوحينا وأقام سببه وهو الإنشاء مقامه على عادة الله تعالى في اختصاراته فهذا الاستدراك شبيه بالاستداركين بعده، فإن قيل: ما الفائدة في إعادة قوله تعالى: ﴿وما كنت من الشاهدين﴾ بعد قوله: ﴿وما كنت بجانب الغربي﴾ لأنه ثبت بذلك أنه لم يكن شاهداً لأنّ الشاهد لا بدّ أن يكون حاضراً؟ أجيب: بأنّ ابن عباس قال: التقدير لم تحضر ذلك الموضع ولو حضرت ما شاهدت تلك الوقائع فإنه يجوز أن يكون هناك ولا يشهد ولا يرى.
(٧/٢٢٨)


الصفحة التالية
Icon