وروى العوفي عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما يعني إلى مكة وهو قول مجاهد، وقال القتيبي: معاد الرجل بلده ينصرف ثم يعود إلى بلده وذلك أنّ النبيّ ﷺ لما خرج من الغار مهاجراً إلى المدينة سار في غير الطريق مخافة الطلب فلما أمن ورجع إلى الطريق ونزل الجحفة بين مكة والمدينة وعرف الطريق إلى مكة اشتاق إليها فأتاه جبريل عليه السلام فقال: اشتقت إلى بلدك ومولدك قال: نعم قال: فإنّ الله تعالى يقول: ﴿أن الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد﴾ قال الرازي: وهذا أقرب لأنّ ظاهر المعاد أنه كان فيه وفارقه وحصل له العود إليه وذلك لا يليق إلا بمكة وإن كان سائر الوجوه محتملاً لكن ذلك أقرب، قال أهل التحقيق: وهذا آخر مما يدل على نبوته لأنه أخبر عن الغيب ووقع كما أخبر فيكون معجزاً ونزل جواباً لقول كفار مكة إنك لفي ضلال مبين ﴿قل﴾ أي: للمشركين ﴿ربي أعلم من جاء بالهدى﴾ وما يستحقه من الثواب في المعاد يعني نفسه ﴿ومن هو في ضلال مبين﴾ يعنيهم وما يستحقونه من العذاب في معادهم فهو الجائي بالهدى وهم في الضلال، تنبيه: من جاء منصوب بمضمر أي: يعلم أو بأعلم أن جعلناها بمعنى عالم وأعملناها إعماله.
(٧/٢٧٢)


الصفحة التالية
Icon