﴿من كان يرجو لقاء الله﴾ أي: الملك الأعلى، قال ابن عباس ومقاتل: من كان يخشى البعث والحساب والرجاء بمعنى الخوف، وقال سعيد بن جبير: من كان يطمع في ثواب الله ﴿فإن أجل الله﴾ أي: الوقت المضروب للقائه ﴿لآت﴾ أي: لجاءٍ لا محالة فإنه لا يجوز عليه إخلاف الوعد، فإن قيل: كيف وقع فإن أجل الله لآت جواباً للشرط؟ أجيب: بأنه إذا كان وقت اللقاء آتياً كان اللقاء آتياً لا محالة كما تقول من كان يرجو لقاء الملك فإن يوم الجمعة قريب، إذا علم أنه يقعد للناس يوم الجمعة، وقال مقاتل يعني: يوم القيامة لكائن ومعنى الآية أن من يخشى الله تعالى ويأمله فليستعد له وليعمل لذلك اليوم كما قال تعالى: ﴿فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً﴾ (الكهف: ١١٠)
(٧/٢٧٧)
﴿وهو السميع﴾ أي: لما قالوه ﴿العليم﴾ يعلم من صدق فيما قال ومن كذب فيثيب ويعاقب على حسب علمه، قال الرازي: وههنا لطيفة وهي أنّ للعبد أموراً هي أصناف حسناته عمل قلبه وهو التصديق وهو لا يرى ولا يسمع وإنما يعلم، وعمل لسانه وهو يسمع، وعمل أعضائه وجوارحه وهو يرى فإذا أتى بهذه الأشياء يجعل الله تعالى لمسموعه ما لا أذن سمعت، ولمرئيه ما لا عين رأت ولعمل قلبه ما لا خطر على قلب بشر كما وصف في الخبر في وصف الجنة اه.
(تنبيه) لم يذكر الله تعالى من الصفات غير هذين الصفتين كالعزيز والحكيم وذلك لأنه سبق القول في قوله ﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمناً ﴾ وسبق الفعل بقوله تعالى: ﴿وهم لا يفتنون ﴾ وبقوله تعالى: ﴿فليعلمن الله الذين صدقوا﴾ وبقوله تعالى: ﴿أم حسب الذين يعملون السيئات ﴾ ولا شك أن القول يدرك بالسمع، والعمل منه ما يدرك بالبصر ومنه ما لا يدرك به كما علم مما مرّ والعلم يشملها، ولما بين تعالى أنّ التكليف حسن واقع وإن عليه وعداً وإيعاد ليس لهما دافع بين أن طلب الله تعالى ذلك من المكلف ليس لنفع يعود إليه بقوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon