﴿أئنكم لتأتون الرجال﴾ إتيان الشهوة وعطف عليها ما ضموه إليها من المناكر بقوله ﴿وتقطعون السبيل﴾ أي: طريق المارّة بالقتل وأخذ المال بفعلكم الفاحشة بمن يمرّ بكم فترك الناس الممرّ بكم أو تقطعون سبيل النساء بالإعراض عن الحرث وإتيان ما ليس بحرث ﴿وتأتون في ناديكم المنكر﴾ أي: تفعلون في متحدّثكم فعل الفاحشة بعضكم ببعض وهو مما تنكره الشرائع والمروءآت والعقول وأنتم لا تتحاشون عن شيء منه في المجتمع الذي يتحاشى فيه الإنسان من فعل خلاف الأولى من غير أن يستحي بعضكم من بعض، قال ابن عباس: المنكر هو الحذف بالحصا والرمي بالبنادق والفرقعة ومضع العلك والسواك بين الناس وحلّ الأزار والسباب والتضارط في مجالسهم والفحش والمزاح، وعن عائشة رضى الله تعالى عنها كانوا يتحابقون، وقيل: السخرية بمن يمرّ بهم، وقيل المجاهرة في ناديهم بذلك العمل وكل معصية فإظهارها أقبح من سترها، ولذلك جاء «من خرق جلباب الحياء فلا غيبة له» ولا يقال للمجلس نادياً إلا ما دام فيه أهله فإذا قاموا عنه لم يسمّ نادياً، وعن مكحول في أخلاق قوم لوط مضغ العلك وتطريف الأصابع بالحناء وحلّ الإزار والصفير والحذف واللوطية، ودلّ على عنادهم بقوله تعالى مسبباً عن هذه الفضائح بالنهي عن تلك القبائح ﴿فما كان جواب قومه﴾ أي: الذين فيهم قوّة ونجدة بحيث يخشى شرّهم ويتقى أذاهم لما أنكر عليهم ما أنكر ﴿إلا أن قالوا﴾ عناداً وجهلاً واستهزاءً ﴿ائتنا بعذاب الله﴾ وعبروا بالاسم الأعظم زيادة في الجراءة ﴿إن كنت من الصادقين﴾ أي: في استقباح ذلك وأنّ العذاب نازل بفاعليه، فإن قيل: قال قوم إبراهيم عليه السلام اقتلوه أو حرّقوه وقال قوم لوط: ﴿ائتنا بعذاب الله إنّ كنت من الصادقين﴾ وما هدّدوه مع أنّ إبراهيم كان أعظم من لوط فإنّ لوطاً كان من قومه؟ أجيب: بأنّ إبراهيم كان يقدح في دينهم ويشتم آلهتهم ويعدّد صفات نقصهم بقوله لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يغني والسب في الدين صعب


الصفحة التالية
Icon