فإن قيل: إذا كان الإيمان بما سواه كفراً به فيكون كل من آمن بالباطل فقد كفر بالله فهل لهذا العطف فائدة غير التأكيد الذي في قول القائل قم ولا تقعد وأقرب مني ولا تبعد؟ أجيب: بأنّ فيه فائدة غيرها وهو أنه ذكر الثاني لبيان قبح الأوّل كقول القائل: أتقول بالباطل وتترك الحق لبيان أنّ القول بالباطل قبيح، ولما أنذرهم ﷺ وأوعد بالعذاب إن لم يؤمنوا أخبر الله تعالى عنهم بقوله تعالى:
(٧/٣٣١)
﴿ويستعجلونك بالعذاب﴾ نزلت في النضر بن الحارث حين قال: فأمطر علينا حجارة من السماء إن كنت من الصادقين ويجعلون تأخيره عنهم شبهة لهم فيما يزعمون من التكذيب ﴿ولولا أجل مسمى﴾ قد ضرب لوقت عذابهم فلا تقدّم فيه ولا تأخر ﴿لجاءهم العذاب﴾ وقت استعجالهم لأنّ القدرة تامّة والعلم محيط ﴿وليأتينهم بغتة﴾ أي: فجأة في الدنيا كوقعة بدر أو الآخرة عند نزول الموت بهم ﴿وهم لا يشعرون﴾ بل هم في غاية الغفلة عنه والاشتغال بما ينسيه، ثم زاد في التعجب من جهلهم بقوله تعالى مبدلاً:
(٧/٣٣٢)
﴿يستعجلونك بالعذاب﴾ أي: يطلبون منك إيقاعه بهم ناجزاً ولو كان في غير وقته الأليق به ولو علموا ما هم صائرون إليه لتمنوا أنهم لم يخلقوا فضلاً عن أن يستعجلوا، ولأعملوا جميع جهدهم في الخلاص منه ﴿وإنّ جهنم﴾ التي هي من عذاب الآخرة ﴿لمحيطة بالكافرين﴾ أي: ستحيط بهم يوم يأتيهم العذاب أو هي كالمحيطة بهم الآن لإحاطة الكفر والمعاصي التي توجبها بهم، وأتى بالظاهر موضع المضمر تنبيهاً على ما استحقوا به عذابها وتعميماً لكل من اتصف به، ثم ذكر تعالى كيفية إحاطة جهنم بقوله عز وجل.


الصفحة التالية
Icon