﴿أولم يتفكروا﴾ أي: يجتهدوا في إعمال الفكر، وقوله تعالى ﴿في أنفسهم﴾ يحتمل أن يكون ظرفاً كأنه قيل: أَوَلَمْ يحدثوا الفكر في أنفسهم أي: في قلوبهم الفارغة من التفكر، والتفكر لا يكون إلا في القلوب، ولكنه زيادة تصوير لحال المتفكرين كقولك: اعتقده في قلبك وأضمره في نفسك. وأن يكون صلة أي: أو لم يتفكروا في أحوالها خصوصاً فيعلموا أن من كان منهم قادراً كاملاً لا يخلف وعده وهو إنسان ناقص فكيف بالإله الحق. ويعلموا أن الذي ساوى بينهم في الإيجاد من العدم وطورهم في أطوار الصور، وفاوت بينهم في القوى والقدر، وبين أحوالهم في الطول والقصر، وسلط بعضهم على بعض بأنواع الضرر، ومات أكثرهم مظلوماً قبل القصاص والظفر، لا بدّ في حكمته البالغة من جمعه العدل بينهم في جزاء من وفى أو غدر، أو شكر أو كفر. ففي ذلك دلالة على وحدانية الله تعالى وعلى الحشر، ثم ذكر تعالى نتيجة ذلك وعلله بقوله في أسلوب التأكيد لأجل إنكارهم. وعلى التقدير الأوّل يكون المتفكر فيه ﴿ما خلق الله﴾ أي: بعز جلاله وعلوه في كماله ﴿السموات والأرض﴾ على ما هما عليه من النظام المحكم والقانون المتقن، قال البقاعي: وإفراد الأرض لعدم دليل حسي أو عقلي يدلهم على تعدّدها بخلاف السماء ا. ه وقد يردّ هذا بقوله تعالى: ﴿خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهنّ﴾ (الطلاق: ١٢٠)
(٧/٣٥٤)


الصفحة التالية
Icon