﴿ثم كان عاقبة﴾ أي: آخر أمر ﴿الذين أساؤا﴾ وقوله تعالى ﴿السوأى﴾ تأنيث الأسوأ وهو الأقبح كما أن الحسنى تأنيث الأحسن، والمعنى: أنهم عوقبوا في الدنيا بالدمار ثم إن عاقبتهم السوأى، إلا أنه وضع المظهر موضع المضمر، أي: العقوبة التي هي أسوأ العقوبات في الآخرة وهي جهنم التي أعدت للكافرين. وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو عاقبة بالرفع على أنها اسم كان والسوأى خبرها، والباقون بالنصب على أنها خبر كان. وقيل: السوأى اسم لجهنم كما أن الحسنى اسم للجنة، وإساءتهم ﴿أن﴾ أي: بأن ﴿كذبوا بآيات الله﴾ أي: القرآن. وقيل: تفسير السوأى ما بعده وهو قوله تعالى ﴿أن كذبوا﴾ أي: ثم كان عاقبة المسيئين التكذيب، حملتهم تلك السيئات على أن كذبوا بآيات الله ﴿وكانوا بها﴾ مع كونها أبعد شيء عن الهزء ﴿يستهزئون﴾ أي: يستمرون على ذلك بتحديده في كل حين. ولما كان حاصل ما مضى أنه تعالى قادر على الإعادة كما قدر على الابتداء صرح بذلك في قوله تعالى:
﴿الله﴾ أي: المحيط علماً وقدرة ﴿يبدأ الخلق﴾ أي: بدأ منه ما رأيتم وهو يجدد في كل وقت ما يريد من ذلك كما تشاهدون ﴿ثم يعيده﴾ أي: خلقهم بعد موتهم أحياء، ولم يقل يعيدهم لرده إلى الخلق ﴿ثم إليه ترجعون﴾ للجزاء فيجزيهم بأعمالهم، وقرأ أبو عمرو وشعبة بالياء على الغيبة على النسق الماضي والباقون بالتاء على الخطاب أي: إليه ترجعون معنى في أموركم كلها في الدنيا وإن كنتم لقصور النظر تنسبونها للأسباب، وحساً بعد قيام الساعة، وهي أبلغ من القراءة الأولى؛ لأنها أنص على المقصود، ولما ذكر الرجوع أتبعه ببعض أحواله بقوله تعالى:
(٧/٣٥٧)


الصفحة التالية
Icon