﴿يوم تقوم الساعة﴾ سميت بذلك إشارة إلى عظيم القدرة عليها مع كثرة الخلائق على ما هم فيه من العظماء والكبراء والرؤساء ﴿يبلس المجرمون﴾ أي: يسكت المشركون لانقطاع حجتهم، فالإبلاس أن يبقى يائساً ساكتاً متحيراً. يقال: ناظرته فأبلس. ومنه الناقة المبلاس أي: التي لا ترغو، وقال مجاهد: مفتضحون، وقال قتادة: المعنى: ييأس المشركون من كل خير، ولما كان الساكت ربما أغناه عن الكلام غيره نفي ذلك بقوله تعالى محققاً له بجعله ماضياً.
﴿ولم يكن﴾ ومعناه لا يكون ﴿لهم من شركائهم﴾ أي: ممن أشركوهم بالله وهم الأصنام ﴿شفعواء﴾ ينقذونهم مما هم فيه ليتبين لهم غلطهم وجهلهم المفرط في قولهم: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، ولما ذكر تعالى حال الشفعاء معهم ذكر حالهم مع الشفعاء بقوله تعالى: ﴿وكانوا بشركائهم﴾ أي: خاصة ﴿كافرين﴾ أي: متبرئين منهم بأنهم ليسوا بآلهة، وقيل: كانوا في الدنيا كافرين بسببهم، وكتب شفعاء في المصحف بواو قبل الألف كما كتب علماء بني إسرائيل، وكذلك كتب السوأى بألف قبل الياء إثباتاً للهمزة على صورة الحرف الذي منه حركتها.
﴿ويوم تقوم الساعة﴾ أي: ويا له من يوم، وزاد في تهويله بقوله تعالى: ﴿يومئذٍ يتفرّقون﴾ أي: المؤمنون الذين يفرحون بنصر الله والكافرون فرقة لا اجتماع بعدها، هؤلاء في عليين وهؤلاء في أسفل سافلين كما قال عز من قائل.
(٧/٣٥٨)