﴿فأمّا الذين آمنوا﴾ أي: أقروا بالإيمان بأنفسهم ﴿وعملوا﴾ تصديقاً لإقرارهم ﴿الصالحات فهم﴾ أي: خاصة ﴿في روضة﴾ وهي أرض عظيمة جداً منبسطة واسعة ذات ماء غدق ونبات معجب بهيج. هذا أصلها في اللغة، قال الطبري: ولا نجد أحسن منظراً ولا أطيب نشراً من الرياض اه والتنكير لإبهام أمرها وتفخيمه. والروضة عند العرب: كل أرض ذات نبات وماء. ومن أمثالهم: أحسن من بيضة في روضة، يريدون بيضة النعامة ﴿يحبرون﴾ قال أبو بكر بن عياش: التيجان على رؤوسهم، وقال أبو عبيدة: يسرون أي: على سبيل التجدد كل وقت سروراً تشرق له الوجوه وتبسم الأفواه وتزهر العيون فيظهر حسنها وبهجتها، فتظهر النعمة بظهور آثارها على أسهل الوجوه وأيسرها، وقال ابن عباس: يكرمون، وقال قتادة: ينعمون، وقال الأوزاعي عن يحيى بن كثير: يحبرون هو السماع في الجنة، وقال الأوزاعي: إذا أخذ في السماع لم يبق في الجنة شجرة إلا وردت، وقال: ليس أحد من خلق الله أحسن صوتاً من إسرافيل، فإذا أخذ في السماع قطع على أهل سبع سموات صلاتهم وتسبيحهم.
وعن النبيّ ﷺ أنه ذكر الجنة وما فيها من النعيم وفي آخر القوم أعرابيّ قال يا رسول الله هل في الجنة من سماع؟ قال: «نعم يا أعرابي إنّ في الجنة نهراً حافتاه الأبكار من كل بيضاء خوصانية يتغنين بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها قط فذلك أفضل نعيم الجنة» قال الدارمي: فسألت أبا الدرداء بم يتغنين قال: بالتسبيح وروي أن في الجنة لأشجاراً عليها أجراس من فضة فإذا أراد أهل الجنة السماع بعث الله ريحاً من تحت العرش فتقع في تلك الأجراس بأصوات لو سمعها أهل الدنيا لماتوا طرباً».
(٧/٣٥٩)


الصفحة التالية
Icon