(١/٣١)
الصيام} (البقرة، ١٨٣) ﴿إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً﴾ (النساء، ١٠٣) وثانيها: الحجة والبرهان قال تعالى: ﴿فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين﴾ (الصافات، ١٥٧) أي: برهانكم، وثالثها: الأجل قال تعالى: ﴿وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم﴾ (الحجر، ٤) أي: أجل، ورابعها: بمعنى مكاتبة السيد رقيقه، قال تعالى: ﴿والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم﴾ (النور، ٣٣).
فإن قيل: كيف نفى الريب على سبيل الاستغراق وكم من مرتاب فيه؟ أجيب: بأنّ الله تعالى ما نفى أن أحداً لا يرتاب فيه وإنما المنفي كونه متعلقاً للريب ومظنة له لأنه لوضوحه وسطوع برهانه بحيث لا ينبغي لأحد أن يرتاب فيه ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله﴾ (البقرة، ٢٣) فإنه لم ينف عنهم الريب بل أرشدهم إلى الطريق المزيح للريب وهو أن يجتهدوا في معارضة سورة من سوره ويبذلوا فيها غاية جهدهم حتى إذا عجزوا عنها تحقق لهم أن ليس فيه مجال للشبهة ولا مدخل للريبة وقيل: هو خبر بمعنى النهي أي: لا ترتابوا فيه كقوله تعالى: ﴿فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج﴾ (البقرة، ١٩٧) أي: لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا. والريب في الأصل مصدر رابني الشيء إذا حصل فيه الريبة وهي قلق النفس واضطرابها سمي به الشك لأنه يقلق النفس ويزيل الطمأنينة، وفي الحديث: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإنّ الشك ريبة والصدق طمأنينة»، رواه الترمذي لكن بلفظ فإنّ الصدق طمأنينة والكذب ريبة وصححه، ومعناه: اترك ما فيه شك إلى ما لا شك فيه فإذا ارتابت نفسك في شيء فاتركه أو اطمأنت إليه فافعله فإنّ نفس المؤمن تطمئن إلى الصدق وترتاب من الكذب وهذا مخصوص بذوي النفوس الشريفة القدسية الطاهرة.
(١/٣٢)


الصفحة التالية
Icon