﴿الله﴾ أي: بعظيم جلاله لا غيره ﴿الذي خلقكم﴾ أي: أوجدكم على ما أنتم عليه من التقدير لا تملكون شيئاً ﴿ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم﴾ أي: ممن أشركتم بالله ﴿من يفعل من ذلكم﴾ مشيراً إلى علوّ رتبته بأداة البعد وخطاب الكل، ولما كان الاستفهام الإنكاريّ التوبيخي في معنى النفي قال مؤكداً له مستغرقاً لكل ما يمكن منه ولو قلّ جدّاً: ﴿من شيء﴾ أي: يستحق هذا الوصف الذي تطلقونه عليه، ولما لزمهم قطعاً أن يقولوا: لا وعزتك ما لهم ولا لأحد منهم فعل شيء من ذلك، قال تعالى معرضاً عنهم منزهاً لنفسه الشريفة: ﴿سبحانه﴾ أي: تنزه تنزهاً لا يحيط به الوصف من أن يكون محتاجاً إلى شريك ﴿وتعالى﴾ أي: علوّاً لا تصل إليه العقول ﴿عما يشركون﴾ في أن يفعلوا شيئاً من ذلك.
تنبيه: يجوز في خبر الجلالة الكريمة وجهان: أظهرهما: أنه الموصول بعدها، والثاني: أنه الجملة من قوله تعالى ﴿هل من شركائكم﴾ والموصول صفة والراجع من ذلكم لأنه بمعنى من أفعاله، ومن الأولى والثانية يفيدان شيوع الحكم في جنس الشركاء والأفعال، والثالثة مزيدة لتعميم النفي، فكل منهما مستقلة بتأكيد لتعجيز الشركاء، وقرأ حمزة والكسائي بتاء الخطاب، والباقون بالياء التحتية، ولما بين لهم تعالى من حقارة شركائهم ما كان حقهم به أن يرجعوا فلم يفعلوا أتبعه ما أصابهم به على غير ما كان في أسلافهم عقوبة لهم على قبيح ما ارتكبوا استعظاماً للتوبة بقوله تعالى:
(٧/٣٨٦)


الصفحة التالية
Icon