(٧/٤١٠)
جعله مشترياً لهو الحديث بالقرآن قال يشتري بغير علم بالتجارة بغير بصيرة بها حيث يستبدل الضلال بالهدى والباطل بالحق. ونحوه قوله تعالى ﴿فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين﴾ (البقرة: ١٦)
أي: وما كانوا مهتدين بالتجارة وبصراء بها ﴿ويتخذها﴾ أي: السبيل التي لا أشرف منها مع ما ثبت له من الجهل المطلق ﴿هزواً﴾ أي: مهزوّا بها، وقرأ حمزة والكسائي وحفص بنصب الذال عطفاً على يضلّ، والباقون بالرفع على يشتري، وسكن حمزة زاي هزواً وضمها الباقون، ولما انفتح هذا الشقاء الدائم بينه بقوله تعالى: ﴿أولئك﴾ أي: هؤلاء البعداء البغضاء ﴿لهم عذاب مهين﴾ لإهانتهم الحق باستثناء الباطل عليه، ولما كان الإنسان قد يكون غافلاً فإذا نبه انتبه نبه سبحانه وتعالى على أن هذا الإنسان المنهمك في أسباب الخسران لا يزداد على ممرّ الزمان إلا مفاجأة لكل ما يرد عليه من البيان بقوله تعالى:
﴿وإذا تتلى عليه آياتنا﴾ أي: تتجدّد عليه تلاوتها أي: تلاوة القرآن من كل تال كان ﴿ولى﴾ أي: بعد السماع مطلق التولية سواء كان على المجانبة أو مدبراً ﴿مستكبراً﴾ أي: طالباً للكبر موجداً له بالإعراض عن الطاعة ﴿كأن﴾ أي: كأنه لم ﴿يسمعها﴾ فهو لم يزل على حالة الكبر ﴿كأن في أذنيه وقراً﴾ أي: صمماً يستوي معه تكليم غيره له وسكوته (تنبيه): جملتا التشبيه حالان من ضمير ولى، أو الثانية بيان للأولى. وقرأ نافع بسكون الذال، والباقون بضمنها، ولما تسبب عن ذلك استحقاقه لما يزيل كبره وعظمته قال تعالى ﴿فبشره﴾ أي: أعلمه ﴿بعذاب أليم﴾ أي: مؤلم، وذكر البشارة تهكم به وهو النضر بن الحارث كما مرّت الإشارة إليه، ولما بين تعالى حال المعرض عن سماع الآيات بين حال من يقبل على تلك الآيات بقوله تعالى:
(٧/٤١١)


الصفحة التالية
Icon