والفلك اسم لشيء مستدير بل الواجب أنّ السموات سواء كانت مستديرة أو صفيحة مستقيمة هي مخلوقة لله تعالى باختيار لا بإيجاب وطبع، ولما ذكر تعالى العمد المقلة ذكر الأوتاد المقرّة بقوله تعالى: ﴿وألقى في الأرض﴾ أي: التي أنتم عليها جبالاً ﴿رواسي﴾ والعجب أنها من فوقها وجميع الرواسي التي تعرفونها تكون من تحت تثبتها عن ﴿أن تميد﴾ أي: تتحرك ﴿بكم﴾ كما هو شأن ما على ظهر الماء ﴿وبث﴾ أي: فرّق ﴿فيها من كل دابة﴾ وقوله تعالى:
﴿وأنزلنا﴾ أي: بما لنا من القوّة ﴿من السما ماء﴾ فيه التفات عن الغيبة، ولما تسبب عن ذلك تدبير الأقوات وكان من آثار الحكمة التابعة للعلم دل عليه بقوله تعالى: ﴿فأنبتنا﴾ أي: بما لنا من العلوّ في الحكمة ﴿فيها﴾ أي: الأرض بخلط الماء بترابها ﴿من كل زوج﴾ أي: صنف من النبات متشابه ﴿كريم﴾ بما له من البهجة والنضرة الجالبة للسرور، وفي هذا دليل على عزته التي هي كمال القدرة، وحكمته التي هل كمال العلم مهدبه قاعدة التوحيد وقرّرها بقوله تعالى:
﴿هذا﴾ أي: الذي تشاهدونه كله ﴿خلق الله﴾ أي: الذي له جميع الكمال فلا كفء له، فإن ادعيتم ذلك ﴿فأروني ماذا خلق الذين من دونه﴾ أي: غيره، بكتهم بأنّ هذه الأشياء العظيمة مما خلقه تعالى وأنشأه، فأروني ما خلقته آلهتكم حتى استوجبوا عندكم العبادة.
(٧/٤١٣)


الصفحة التالية
Icon