ولما قام هذا البرهان القطعي على قدرته التامة علم أن التقدير: ثم يعيدكم خلقاً جديداً كما كنتم أول مرة فحذفه كما هو عادة القرآن في حذف كل ما دل عليه السياق ولم يدع داع إلى ذكره، وعطف عليه قوله تعالى ﴿ثم إلى ربكم﴾ أي: الذي ابتدأ خلقكم وتربيتكم وأحسن إليكم غاية الإحسان ﴿ترجعون﴾ أي: تصيرون إليه أحياء فيجزيكم بأعمالكم.
ولما تقرر دليل البعث بما لا خفاء فيه ولا لبس شرع في بعض أحواله بقوله تعالى:
(٧/٤٧١)
﴿ولو ترى﴾ أي: تبصر ﴿إذ المجرمون﴾ أي: الكافرون ﴿ناكسوا رؤوسهم﴾ أي: مطأطؤها خوفاً وخجلاً وحزناً وذلاً ﴿عند ربهم﴾ المحسن إليهم المتوحد بتدبيرهم قائلين بغاية الذل والرقة ﴿ربنا﴾ أي: المحسن إلينا ﴿أبصرنا﴾ أي: ما كنا نكذب به ﴿وسمعنا﴾ منك تصديق الرسل فيما كذبناهم فيه ﴿فارجعنا﴾ بمالك من هذه الصفة المقتضية للإحسان إلى الدنيا دار العمل ﴿نعمل صالحاً﴾ فيها ﴿إنا موقنون﴾ أي: ثابت لنا الآن الإيقان بجميع ما أخبرنا به عنك.w
فلا ينفعهم ذلك ولا يرجعون، وجواب لو محذوف تقديره: لرأيت أمراً فظيعاً، والمخاطب يحتمل أن يكون النبي ﷺ شفاء لصدره، فإنهم كانوا يؤذونه بالتكذيب، ويحتمل أن يكون عاماً. وإذ على بابها من المضي لأن لو تصرف المضارع للمضي، وإنما جيء هنا ماضياً لتحقيق وقوعه نحو ﴿أتى أمر الله﴾ (النحل: ١)
وجعله أبو البقاء مما وقع فيه إذ موقع إذا ولا حاجة إليه. وقوله تعالى: