﴿وما﴾ أي: والحال أنه ما ﴿كان﴾ أصلاً ﴿له عليهم﴾ أي: الذين اتبعوه ولا غيرهم، وأغرق فيما هو الحق من النفي بقوله تعالى: ﴿من سلطان﴾ أي: تسلط قاهر بشيء من الأشياء بوجه من الوجوه، لأنه مثلهم في كونه عبداً عاجزاً مقهوراً ذليلاً خائفاً مدحوراً قال القشيري: هو مسلط ولو أمكنه أن يضل غيره أمكنه أن يمسك على الهداية نفسه والمعنى: أن الأمر لله وحده ﴿إلا﴾ أي: لكن نحن سلطناه عليهم بسلطاننا، وملكناه قيادهم بقهرنا، وعبر عن التمييز الذي هو سبب العلم بالعلم فقال: ﴿لنعلم﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿من يؤمن﴾ أي: يوجد الإيمان لله ﴿بالآخرة﴾ أي: ليتعلق علمنا بذلك في عالم الشهادة في حال تمييزه تعلقاً تقوم به الحجة في مجاري عادات البشر كما كان متعلقاً به في عالم الغيب ﴿ممن هو منها﴾ أي: الآخرة ﴿في شك﴾ فهو لا يجدد لها إيماناً أصلاً لأن الشك ظرف له محيط به، وإنما استعار إلا موضع لكن إشارة إلى أنه مكنه تمكيناً تاماً صار به كمن له سلطان حقيقي.
(٩/٣٩)