تنبيه: قال الرازي: إن علم الله تعالى من الأزل إلى الأبد محيط لكل معلوم، وعلمه لا يتغير وهو في كونه عالماً لا يتغير، ولكن يتغير تعلق علمه، فإن العلم صفة كاشفة يظهر فيها كل ما في نفس الأمر فعلم الله تعالى في الأزل أن العالم سيوجد، فإذا وجد علمه موجوداً بذلك العلم وإذا عدم علمه معدوماً، كذلك المرآة المصقولة الصافية يظهر فيها صورة زيد إن قابلها ثم إذا قابلها عمر وتظهر فيها صورته، والمرآة لم تتغير في ذاتها ولا تبدلت في صفاتها، وإنما التغيير في الخارجيات، وكذا هنا قوله ﴿إلا لنعلم﴾ أي: ليقع في العلم صدور الكفر من الكافر، والإيمان من المؤمن، وكان علم الله تعالى أنه سيكفر زيد ويؤمن عمرو وقال البغوي: المعنى إلا لنميز المؤمن من الكافر، وأراد علم الوقوع والظهور وقد كان معلوماً عنده بالغيب وقوله تعالى ﴿وربك﴾ أي: المحسن إليك بإخزاء الشيطان بنبوتك واجتنابه عن أمتك ﴿على كل شيء﴾ من المكلفين وغيرهم ﴿حفيظ﴾ أي: حافظ أتم حفظ تحقيق ذلك إن الله تعالى قادر على منع إبليس عنهم عالم بما سيقع، فالحفظ يدخل في مفهومه العلم والقدرة إذ الجاهل بالشيء لا يمكنه حفظه ولا العاجز.
ولما بين تعالى حال الشاكرين وحال الكافرين وذكرهم بمن مضى، عاد إلى خطابهم فقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم
(٩/٤٠)


الصفحة التالية
Icon