﴿ويقولون﴾ من فرط جهلهم بعاقبة ما يوعدونه ﴿متى هذا الوعد﴾ أي: البشارة والنذارة في يوم الجمع وغيره فسموه وعداً زيادة في الاستهزاء.
ولما كان قول الجماعة أجدر بالقبول وأبعد عن الرد من قول الواحد أشار إلى زيادة جهلهم بقوله تعالى: ﴿إن كنتم﴾ أي: أيها النبي وأتباعه ﴿صادقين﴾ أي: متمكنين في الصدق.
﴿قل لكم﴾ أي: أيها الجاحدون الأجلاف الذين لا يجوزون الممكنات أو لا يتدبرون ما أوضحها من الدلالات ﴿ميعاد يوم﴾ أي: لا يحتمل القول وصف عظمه لما يأتي فيه لكم من العقاب سواء كان يوم الموت كما قاله الضحاك أو البعث كما قاله أكثر المفسرين ﴿لا تستأخرون﴾ أي: لا يوجب تأخركم ﴿عنه ساعة﴾ لأن الآتي به عظيم القدرة محيط العلم ولذلك قال: ﴿ولا تستقدمون﴾ أي: لا يوجد تقدمكم لحظة فما دونها ولا تتمكنون من طلب ذلك.
فإن قيل: كيف انطبق هذا جواباً عن سؤالهم؟ أجيب: بأنهم ما سألوا عن ذلك وهم منكرون له إلا تعنتاً لا استرشاداً فجاء الجواب على طريق التهديد مطابقاً لمجيء السؤال على سبيل الإنكار والتعنت، وأنهم مرصدون بيوم يفاجئهم فلا يستطيعون تأخراً عنه ولا تقدماً عليه.
﴿وقال الذين كفروا﴾ مؤكدين قطعاً للأطماع عن دعائهم ﴿لن نؤمن﴾ أي: نصدق أبداً وصرحوا بالمنزل عليه ﷺ بالإشارة فقالوا: ﴿بهذا القرآن﴾ أي: وإن جمع جميع الحكم والمقاصد المتضمنة لبقية الكتب ﴿ولا بالذي بين يديه﴾ أي: قبله من الكتب التوراة والإنجيل وغيرهما بل نحن قانعون بما وجدنا عليه آباءنا، وذلك لما روي أن كفار مكة سألوا بعض أهل الكتاب فأخبروهم أن صفة هذا النبي عندهم في كتبهم فأغضبهم ذلك وقرنوا إلى القرآن جميع ما تقدمه من كتب الله في الكفر بها فكفروا بها جميعاً.
وقيل: الذي بين يديه يوم القيامة، والمعنى أنهم جحدوا أن يكون القرآن من الله، وأن يكون ما دل عليه من الإعادة للجزاء حقيقة.
(٩/٥٠)


الصفحة التالية
Icon