﴿قل﴾ أي: لهم يا أشرف الخلق ﴿ما﴾ أي: مهما ﴿سألتكم من أجر﴾ أي: على دعائي لكم من الإنذار والتبليغ ﴿فهو لكم﴾ أي: لا أريد منه شيئاً وهو كناية عن أني لا أسألكم على دعائي لكم إلى الله تعالى أجراً أصلاً بوجه من الوجوه فإذا ثبت أن الدعاء ليس لغرض دنيوي، وأن الداعي أرجح الناس عقلاً ثبت أن الذي حمله على تعريض نفسه لتلك الأخطار العظيمة إنما هو أمر الله تعالى الذي له الأمر كله ﴿إن﴾ أي: ما ﴿أجرى﴾ أي: ثوابي ﴿إلا على الله﴾ أي: الذي لا أعظم منه فلا ينبغي لذي همة أن يطلب شيئاً إلا من عنده ﴿وهو﴾ أي: والحال أنه ﴿على كل شيء شهيد﴾ أي: حفيظ مهيمن بليغ العلم بأحوالي فيعلم صدقي وخلوص نيتي، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص أجرى في الوصل بفتح الياء، والباقون بالسكون.
﴿قل﴾ أي: لمن أنكر التوحيد والرسالة والحشر ﴿إن ربي﴾ أي: المحسن إليّ بأنواع الإحسان ﴿يقذف بالحق﴾ أي: يلقيه إلى أنبيائه أو يرمي به الباطل إلى أقطار الآفاق فيكون وعداً بإظهار الإسلام وإفشائه ﴿علام الغيوب﴾ أي: ما غاب عن خلقه في السموات والأرض.
تنبيه: في رفع علام أوجه: أظهرها: أنه خبر ثان لأن، أو خبر مبتدأ مضمر، أو بدل من الضمير في يقذف وقال الزمخشري: رفع محمول على محل أن واسمها أو على المستكن في يقذف يعني بقوله محمول على محل إن واسمها النعت إلا أن ذلك ليس مذهب البصريين لأنهم لم يعتبروا المحل إلا في العطف بالحرف بشروط عند بعضهم، ويريد بالحمل على الضمير في يقذف أنه بدل منه لا أنه نعت له لأن ذلك انفرد به الكسائي، وقرأ حمزة وشعبة بكسر الغين والباقون بالضم.
(٩/٦٨)