﴿قل﴾ لهؤلاء ﴿جاء الحق﴾ أي: الإسلام وقيل: القرآن وقيل: كل ما ظهر على لسان النبي ﷺ وقيل: المعجزات الدالة على نبوة محمد ﷺ وقيل: المراد من جاء الحق أي: ظهر الحق لأن كل ما جاء فقد ظهر وأكد تكذيباً لهم في ظنهم أنهم يغلبون بقوله تعالى: ﴿وما﴾ أي: والحال أنه ما ﴿يبدئ الباطل﴾ أي: الذي أنتم عليه من الكفر ﴿وما يعيد﴾ أي: ذهب فلم تبق منه بقية مأخوذ من هلاك الحي فإنه إذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة فجعلوا قولهم لا يبدئ ولا يعيد مثلاً في الهلاك ومنه قول عبيد:
*أقفر من أهيله عبيد | أصبح لا يبدي ولا يعيد* |
وعن ابن مسعود: «دخل النبي ﷺ مكة وحول البيت ثلثمائة وستون صنماً فجعل يطعنها بعود ويقول ﴿جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا﴾ (الإسراء: ٨١)
﴿جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد﴾ (سبأ: ٤٩)
(٩/٦٩)
وقيل: الباطل إبليس أي: ما ينشئ خلقاً ولا يعيده، والمنشئ والباعث هو الله تعالى، وعن الحسن لا يبدئ لأهله خيراً ولا يعيده أي: لا ينفعهم في الدنيا والآخرة وقال الزجاج: أي: شيء ينشئه إبليس ويعيده فجعله للاستفهام وقيل: للشيطان الباطل لأنه صاحب الباطل، ولأنه هالك كما قيل له الشيطان من شاط إذا هلك وحينئذ يكون غير منصرف وإن جعلته من شطن كان منصرفاً.
ولما لم يبق بعد هذا إلا أن يقولوا عناداً أنت ضال ليس بك جنون ولا كذب، ولكنك قد عرض لك ما أضلك عن الجمعة قال تعالى: