هما موضعان والمؤمن: اسم الله وهو مجرور بالقسم والعائذات: منصوب بالمؤمن والمراد بها: الحمام لما عاذت بمكة والتجأت إليها حرم التعرض لها، والطير منصوب بالبدل أو بعطف البيان، ووجه الاستدلال بذلك: أن الطير دال على المحذوف وهو مفعول لمؤمن والعائذات الطير، قال أبو حيان: وهذا لا يصح إلا على مذهب من يجوز حذف المؤكد، ومن النحويين من منعه وهو اختيار ابن مالك، ورد عليه بأن هذا ليس هو التأكيد المختلف في حذف مؤكده؛ لأن هذا من باب الصفة والموصوف ومعنى تسميه الزمخشري له توكيداً من حيث إنه لا يفيد معنى زائداً وإنما يفيد المبالغة والتوكيد في ذلك اللون، والنحويون قد سموا الوصف إذا لم يفد غير الأول توكيداً فقالوا: وقد يجيء لمجرد التوكيد نحو قوله تعالى ﴿نفخة واحدة﴾ (الحاقة: ١٣)
و﴿إلهين اثنين﴾ (النحل: ٥١)
والتوكيد المختلف في حذف مؤكده، إنما هو في باب التوكيد الصناعي، ومذهب سيبويه جوازه، وقال ابن عادل: والأولى فيه أن يسمى توكيداً لفظياً إذ الأصل سود غرابيب سود.
ولما ذكر تعالى ما الأغلب فيه الماء مما استحال إلى أمر آخر بعيد من الماء وأتبعه التراب الصرف ختم بما الأغلب فيه التراب مما استحال إلى ما هو في غاية البعد من التراب فقال:
﴿ومن الناس والدواب﴾ ولما كانت الدابة في الأصل اسماً لما دبَّ على الأرض ثم غلب إطلاقه على ما يركب قال: ﴿والأنعام﴾ ليعم الكل صريحاً ﴿مختلف ألوانه﴾ أي: ألوان ذلك البعض الذي أفهمته من ﴿كذلك﴾ أي: مثل الثمار والأراضي منه ما هو ذو لون ومنه ما هو ذو لونين أو أكثر.
(٩/١٠٦)