﴿فلن تجد﴾ أي: في وقت من الأوقات ﴿لسنت الله﴾ أي: طريقة الملك الأعظم التي شرعها وحكم بها وهي إهلاك العاصين وإنجاء الطائعين ﴿تبديلاً﴾ أي: من أحد يأتي بسنة غيرها تكون بدلاً لها؛ لأنه تعالى لا مكافئ له ﴿ولن تجد لسنت الله﴾ أي: الذي لا أمر لأحد معه ﴿تحويلا﴾ أي: من حالة إلى أخف منها؛ لأنه لا مرد لقضائه.
فائدة: ترسم سنت لسنت الثلاثة بالتاء المجرورة كما رأيت، ووقف أبو عمرو وابن كثير والكسائي بالهاء، والباقون بالتاء، وإذا وقف الكسائي أمال الهاء على أصله.
ولما ذكر الله تعالى الأولين وسنتهم في إهلاكهم نبههم بتذكير حال الأولين بقوله تعالى:
﴿أولم يسيروا﴾ أي: فيما مضى من الزمان ﴿في الأرض﴾ أي: التي ضربوا في المتاجر بالسير إليها في الشام واليمن والعراق ﴿فينظروا﴾ أي: فيتسبب عن ذلك السير أنه يتجدد لهم نظر واعتبار يوماً من الأيام، فإن العاقل من إذا رأى شيئاً تفكر فيه حتى يعرف ما ينطق به لسان حاله إن خفي عليه ما جرى من مقاله، وأشار بسوقه في أسلوب الاستفهام إلى أنه لعظمه خرج عن أمثاله فاستحق السؤال عن حاله ﴿كيف كان عاقبة﴾ أي: آخر أمر ﴿الذين من قبلهم﴾ أي: على أي حالة كان آخر أمرهم ليعلموا أنهم ما أخذوا إلا بتكذيب الرسل عليهم السلام فيخافوا أن يفعلوا مثل أفعالهم فيكون حالهم كحالهم فإنهم كانوا يمرون على ديارهم ويرون آثارهم، وأملهم كان فوق أملهم وعملهم كان دون عملهم، وكانوا أطول منهم أعماراً وأشد اقتداراً ومع هذا لم يكذبوا مثل محمد صلى الله عليه وسلم
(٩/١٢٧)


الصفحة التالية
Icon