﴿والقمر قدرناه﴾ أي: من حيث سيره ﴿منازل﴾ ثمانية وعشرين منزلاً في ثمانية وعشرين ليلة من كل شهر ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين يوماً وليلة إن كان الشهر تسعة وعشرين يوماً، وقد ذكرنا أسامي المنازل في سورة يونس عليه السلام، فإذا صار القمر في آخر منازله دق فذلك قوله تعالى ﴿حتى عاد﴾ أي: بعد أن كان بدراً عظيماً ﴿كالعرجون﴾ من النخل وهو عود العذق ما بين شماريخه إلى منتهاه وهو منبته من النخلة رقيقاً منحنياً ثم وصفه بقوله تعالى: ﴿القديم﴾ فإنه إذا عتق يبس وتقوس واصفر فيشبه القمر في رقته وصفرته في رأي العين في آخر المنازل، قال القشيري: إن القمر يبعد عن الشمس ولا يزال يتباعد حتى يعود بدراً ثم يدنو، فكلما ازداد من الشمس دنواً ازداد في نفسه نقصاناً إلى أن يتلاشى، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو والقمر برفع الراء، والباقون بالنصب والرفع على الابتداء والنصب بإضمار فعل على الاشتغال، والوجهان مستويان لتقدم جملة ذات وجهين وهي قوله تعالى: ﴿والشمس تجري﴾ فإن راعيت صدرها رفعت لتعطف جملة اسمية على مثلها وإن راعيت عجزها نصبت لتعطف فعلية على مثلها.
ولما قرر أن لكل منهما منازل لا يعدوها فلا يغلب ما هو آيته آية الآخر بل إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان ذاك وإذا جاء ذاك ذهب هذا قال تعالى:
(٩/١٦٢)


الصفحة التالية
Icon