﴿لا الشمس﴾ التي هي آية النهار ﴿ينبغي﴾ أي: يسهل ﴿لها﴾ أي: ما دام هذا الكون موجوداً على هذا الترتيب ﴿أن تدرك القمر﴾ أي: تجتمع معه في الليل فما النهار سابق الليل ﴿ولا الليل سابق النهار﴾ أي: فلا يأتي أحدهما قبل انقضاء الآخر، فالآية من الاحتباك؛ لأنه نفى أولاً إدراك الشمس لقوتها القمر ففيه دليل على ما حذف من الثاني من نفي إدراك الشمس للقمر أي: فيغلبها وإن كان يوجد في النهار لكن من غير سلطنة فيه، بخلاف الشمس فإنها لا تكون في الليل أصلاً ونفى ثانياً سبق الليل النهار وفيه دليل على حذف سبق النهار الليل أولاً كما قدرته. ﴿وكل﴾ أي: من الشمس والقمر ﴿في فلك﴾ محيط به وهو الجسم المستدير أو السطح المستدير أو الدائرة؛ لأن أهل اللغة على أن فلكة المغزل سميت فلكة لاستدارتها، وفلكة الخيمة هي: الخشبة المسطحة المستديرة التي توضع على رأس العمود لئلا يمزق العمود الخيمة وهي صفحة مستديرة.
فإن قيل: فعلى هذا تكون السماء مستديرة وقد اتفق أكثر المفسرين على أن السماء مبسوطة لها أطراف على جبال وهي كالسقف المستوي ويدل عليه قوله تعالى ﴿والسقف المرفوع﴾، (الطور: ٥)
أجاب الرازي: بأنه ليس في النصوص ما يدل دلالة قاطعة على كون السماء مبسوطة غير مستديرة بل الدليل الحسي على كونها مستديرة فوجب المصير إليه والسقف المقبب لا يخرج عن كونه سقفاً وكذلك على جبال.
(٩/١٦٣)


الصفحة التالية
Icon