أي: هو كما تقوله، وأما الفتح فعلى أنه خطاب للنبي ﷺ أي: عجبت من تكذيبهم إياك.
﴿ويسخرون﴾ أي: وهم يسخرون من تعجبك قال قتادة: عجب نبي الله ﷺ من هذا القرآن حين أنزل ومن ضلال بني آدم، وذلك أن النبي ﷺ كان يظن أن كل من سمع القرآن يؤمن به فلما سمع المشركون القرآن سخروا منه ولم يؤمنوا به عجب من ذلك النبي ﷺ فقال تعالى ﴿بل عجبت ويسخرون﴾.
﴿وإذا ذكروا﴾ أي: وعظوا بالقرآن ﴿لا يذكرون﴾ أي: لا يتعظون.
﴿وإذا رأوا آية﴾ قال ابن عباس وقتادة: يعني انشقاق القمر ﴿يستسخرون﴾ أي: يستهزئون بها وقيل: يستدعي بعضهم من بعض السخرية.
﴿وقالوا إن﴾ أي: ما ﴿هذا إلا سحر مبين﴾ أي: ظاهر في نفسه ومظهر لسخريته ثم خصّوا البعث بالإنكار إعلاماً بأنه أعظم مقصود بالنسبة إلى السحر فقالوا مظهرين له في مظهر الإنكار:
﴿أءذا متنا﴾ وعطفوا عليه ما هو موجب عندهم لشدة الإنكار فقالوا ﴿وكنا﴾ أي: كوناً في غاية التمكن ﴿تراباً﴾ وقدموه؛ لأنه أدل على مرادهم؛ لأنه أبعد عن الحياة ﴿وعظاماً﴾ كأنهم جعلوا كل واحد من الموت أو الكون إلى الترابية المحضة والعظامية المحضة والمختلطة بهما مانعاً من البعث، وهذا بعد اعترافهم بأن ابتداء خلقهم كان من التراب، ثم كرروا الاستفهام الإنكاري على قراءة من قرأ به كما سيأتي بيانه زيادة في الإنكار فقالوا ﴿أئنا لمبعوثون﴾.
وقولهم ﴿أو آباؤنا الأولون﴾ عطف على محل إن واسمها أو على الضمير في مبعوثون فإنه مفصول عنه بهمزة الاستفهام لزيادة الاستبعاد لبعد زمانهم، وهذا بيان للسبب الذي حملهم على الاستهزاء بجميع المعجزات وهو اعتقادهم أن من مات وتفرقت أجزاؤه في العالم فما فيه من الأرض اختلط بالأرض وما فيه من المائية والهوائية اختلط ببخارات العالم، فهذا الإنسان كيف يعقل عوده بعينه حياً؟ ثم إنه تعالى لما حكى عنهم هذه الشبهة قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم


الصفحة التالية
Icon