﴿قال﴾ أي: ذلك القائل لإخوته ﴿هل أنتم مطلعون﴾ أي: معي إلى النار لننظر حاله فيقولون: لا.
﴿فاطلع﴾ ذلك القائل من بعض كوى الجنة قال ابن عباس رضي الله عنهما: أن في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى النار ﴿فرآه﴾ أي: رأى قرينه ﴿في سواء الجحيم﴾ أي: وسط النار وإنما يسمى وسط الشيء سواء لاستواء الجوانب منه.
﴿قال﴾ له توبيخاً مقسماً بقوله ﴿تالله إن كدت﴾ أي: قاربت وإن مخففة من الثقيلة ﴿لتردين﴾ أي: لتهلكني بإغوائك إياي بإنكار البعث والقيامة.
﴿ولولا نعمة ربي﴾ أي: إنعامه علي بالإيمان والهداية والعصمة ﴿لكنت من المحضرين﴾ معك في النار.
تنبيه: أثبت الياء بعد النون في ﴿لتردين﴾ ورش، والباقون بالتخفيف.
ولما تم الكلام مع قرينه الذي هو في النار عاد إلى مخاطبة جلسائه من أهل الجنة وقال:
(٩/٢٢٤)
﴿أفما نحن بميتين﴾ وهذا عطف على محذوف أي: أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين أي: ممن شأنه الموت، وقال بعضهم: إن أهل الجنة لا يعلمون في أول دخولهم الجنة أنهم لا يموتون فإذا جيء بالموت على صورة كبش أملح وذبح يقول أهل الجنة للملائكة: أفما نحن بميتين؟ فتقول الملائكة: لا فعند ذلك يعلمون أنهم لا يموتون، وعلى هذا فالكلام حصل قبل ذبح الموت، وقيل: إن الذي تكاملت سعادته إذا عظم تعجبه بها يقول ذلك على جهة التحديث بالنعمة التي أنعم الله تعالى بها عليه، وقيل: يقوله المؤمن لقرينه توبيخاً له بما كان ينكره، وقوله:
﴿إلا موتتنا الأولى﴾ منصوب على المصدر والعامل فيه الوصف قبله ويكون استثناء مفرغاً، وقيل: هو استثناء منقطع أي: لكن الموتة الأولى كانت لنا في الدنيا وهي متناوله لما في القبر بعد الإحياء للسؤال وهذا قريب في المعنى من قوله تعالى ﴿لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى﴾ (الدخان: ٥٦)
﴿وما نحن بمعذبين﴾ هو استفهام تلذذ وتحدث بنعمة الله تعالى من تأبيد الحياة وعدم التعذيب.