﴿وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً﴾ قال مجاهد وقتادة: أراد بالجنة الملائكة عليهم السلام سموا جناً لاجتنانهم عن الأبصار، وقال ابن عباس: حي من الملائكة يقال لهم: الجن منهم إبليس لعنه الله، وقيل: هم خزان الجنة، قال الرازي: وهذا القول عندي مشكل؛ لأنه تعالى أبطل قولهم: الملائكة بنات الله، ثم عطف عليه قوله تعالى: ﴿وجعلوا﴾ إلخ والعطف يقتضي المغايرة، فوجب أن يكون المراد من الآية غير ما تقدم، وقال مجاهد: قال كفار قريش: الملائكة بنات الله، فقال لهم أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه منكراً عليهم: فمن أمهاتهم؟ قالوا: سروات الجن، وهذا أيضاً بعيد؛ لأن المصاهرة لا تسمى نسباً، قال الرازي: وقد روينا في تفسير قوله تعالى: ﴿وجعلوا لله شركاء الجن﴾ (الأنعام: ١٠٠)
(٩/٢٦٦)
أن قوماً من الزنادقة يقولون: إن الله تعالى وإبليس أخوان فالله تعالى هو الحر الكريم وإبليس هو الأخ الشرير، فالمراد من ذلك هو هذا المذهب وهو مذهب المجوس، قال: وهذا القول عندي هو أقرب الأقاويل في الرد عليه بهذه الآية ﴿ولقد علمت الجنة أنهم﴾ أي: أهل هذا القول ﴿لمحضرون﴾ أي: إلى النار ومعذبون، وقيل: المراد ولقد علمت الجنة أنهم لمحضرون العذاب، فعلى الأول الضمير عائد إلى القائل، وعلى الثاني عائد إلى نفس الجنة.
ثم إنه تعالى نزه نفسه عما قالوه من الكذب فقال تعالى:
﴿سبحان الله عما يصفون﴾ بأن لله تعالى ولداً ونسباً وقوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon