﴿وثمود﴾ واستمروا فيما هم فيه إلى أن رأوا علامات العذاب من صفرة الوجوه ثم حمرتها ثم سوادها ولم يكن في ذلك زاجر يردهم عن عزتهم وشقاقهم ﴿وقوم لوط﴾ أي: الذين لهم قوة القيام بما يحاولونه واستمروا في عزتهم وفي شقاقهم حتى ضربوا بالعشاء وطمس الأعين ولم يقدروا على الوصول إلى ما أرادوا من الدخول إلى بيت لوط عليه السلام ولم يردهم ذلك عن عزتهم وشقاقهم ﴿وأصحاب الأيكة﴾ أي: الغيضة، وهم قوم شعيب عليه الصلاة والسلام ﴿أولئك الأحزاب﴾ أي: المتحزبون على الرسل عليهم السلام الذين خص الجند المهزوم منهم، وقيل: المعنى أولئك الأحزاب مبالغة في وصفهم بالقوة كما يقال: فلان هو الرجل أي: أولئك الأحزاب مع كمال قوتهم لما كان عاقبتهم هي الهلاك والبوار فكيف حال هؤلاء الضعفاء المساكين إذا نزل عليهم العذاب، وفي الآية زجر وتخويف للسامعين.
﴿إن﴾ أي: ما ﴿كل﴾ أي: من الأحزاب ﴿إلا كذب الرسل﴾ أي: لأنهم إذا كذبوا واحداً منهم فقد كذبوا جميعهم لأن دعوتهم واحدة وهي دعوة التوحيد ﴿فحق عقاب﴾ أي: فوجب عليهم ونزل بهم عذابي.
ثم بين تعالى أن هؤلاء المكذبين وإن تأخر هلاكهم فكأنه واقع بهم فقال تعالى:
﴿وما ينظر﴾ وحقرهم بقوله تعالى: ﴿هؤلاء﴾ أي: وما ينتظر كفار مكة ﴿إلا صيحة واحدة﴾ وهي نفخة الصور الأولى، كقوله تعالى: ﴿ما ينظرون إلا صيحةً واحدةً تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية﴾ (يس: ٥٠)
الآية والمعنى: أنهم وإن لم يذوقوا عذابي في الدنيا فهو معدٌّ لهم يوم القيامة، فجعلهم منتظرين لها على معنى قربها منهم كالرجل الذي ينتظر الشيء فهو ماد الطرف إليه يقطع كل ساعة بحضوره، قيل: المراد بالصيحة عذاب يفجؤهم ويجيئهم دفعة واحدة كما يقال: صاح الزمان بهم إذا هلكوا قال الشاعر:
*صاح الزمان بآل برمك صيحة | خروا لشدتها على الأذقان* |
(٩/٢٨٠)