الآية. وقرأ حمزة والكسائي: ﴿ما لها﴾ أي: الصيحة ﴿من فواق﴾ بضم الفاء، والباقون بفتحها، وهما لغتان بمعنى واحد وهو الزمان الذي بين حلبتي الحالب ورضعتي الراضع والمعنى: ما لها من توقف قدر فواق ناقة، وفي الحديث: «العبادة قدر فواق ناقة» وهذا في المعنى كقوله تعالى: ﴿فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون﴾ (الأعراف: ٣٤)
وقال ابن عباس: ما لها من رجوع من أفاق المريض إذا رجع إلى صحته وإفاقة الناقة ساعة يرجع اللبن إلى ضرعها يقال: أفاقت الناقة تفيق إفاقة، رجعت واجتمعت الفيقة في ضرعها، والفيقة اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين، وهو أن يحلب الناقة ثم يترك ساعة حتى يجتمع اللبن فما بين الحلبتين فواق أي: العذاب لا يمهلهم بذلك القدر.
﴿وقالوا﴾ أي: كفار مكة استهزاءً لما نزل قوله تعالى في الحاقة: ﴿فأما من أوتي كتابه بيمينه﴾ (الحاقة: ١٩)
﴿وأما من أوتي كتابه بشماله﴾ (الحاقة: ٢٥)
﴿ربنا﴾ أي: يا أيها المحسن إلينا ﴿عجل لنا قطنا﴾ أي: كتاب أعمالنا في الدنيا ﴿قبل يوم الحساب﴾ وقال سعيد بن جبير: يعنون حظنا ونصيبنا من الجنة التي تقول، وقال مجاهد والسدي: يعنون عقوبتنا ونصيبنا من العذاب، قال عطاء: قاله النضر ابن الحارث وهو قوله: ﴿إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء﴾ (الأنفال: ٣٢)
وقال مجاهد: قطنا حسابنا، يقال لكتاب الحساب: قط، وقال أبو عبيدة والكسائي: القط الكتاب بالجوائز ويجمع على قطوط وقططة، كقرد وقرود وقردة، وفي القلة على أقطة وأقطاط، كقدح وأقدحة وأقداح، إلا أن أفعلة في فعل شاذ.
ولما أن القوم تعجبوا من أمور ثلاثة أولها: من أمر النبوات وإثباتها كما قال تعالى: ﴿وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب﴾ (ص: ٤)
(٩/٢٨١)


الصفحة التالية
Icon