واختلف في تفسيره قوله تعالى: ﴿وفصل الخطاب﴾ فقال ابن عباس: بيان الكلام أي: معرفة الفرق بين ما يلتبس في كلام المخاطبين له من غير كبير رؤية في ذلك، وقال ابن مسعود والحسن: علم الحكمة والبصر بالقضاء، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هو أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر لأن كلام الخصوم ينقطع وينفصل به، وقال أبي بن كعب: فصل الخطاب الشهود والإيمان، وقال مجاهد وعطاء ويروى عن الشعبي: إن فصل الخطاب هو قول الإنسان بعد حمد الله والثناء عليه، أما بعد إذا أراد الشروع في كلام آخر وأول من قاله داود عليه السلام، وقيل غيره كما ذكرته في شرح المنهاج عند قول المنهاج أما بعد، وقيل: هو الخطاب الفصل الذي ليس باختصار مخل ولا إشباع ممل كما جاء وصف كلام النبي ﷺ فصل لا نزر ولا هذر، وقوله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم
﴿وهل﴾ استفهام معناه التعجب والتشويق إلى استماع ما بعده ﴿أتاك﴾ يا أفضل الخلق ﴿نبأ﴾ أي: خبر ﴿الخصم﴾ وهو في الأصل مصدر ولذلك يصلح للمفرد والمذكر والمراد به هنا الجمع بدليل قوله تعالى ﴿إذ﴾ أي: حين ﴿تسوروا﴾ أي: تصعدوا وعلوا ﴿المحراب﴾ أي: البيت الذي كان يدخل فيه داود ويشتغل فيه بالعبادة والطاعة، قال الزمخشري: فإن قلت: بما انتصب إذ؟ قلت: لا يخلو إما أن ينتصب بأتاك أو بنبأ أو بمحذوف فلا يسوغ انتصابه بأتاك لأن إتيان النبأ رسول الله ﷺ لم يقع إلا في عهده لا في عهد داود ولا بنبأ؛ لأن النبأ واقع في عهد داود فلا يصح إتيانه رسول الله ﷺ وإن أردت بالنبأ القصة في نفسها لم تكن ناصباً، فبقي أن يكون منصوباً بمحذوف تقديره وهل أتاك نبأ تحاكم الخصم إذ تسوروا، انتهى. فاختار أن يكون معمولاً لمحذوف، ويجوز أن ينتصب بالخصم لما فيه من معنى الفعل وقوله تعالى:
(٩/٢٨٧)