(٩/٣٤٧)
وقيل: إنه إنزال الماء الذي هو سبب ثبات القطن والكتان وغيرهما الذي يجعلون منه اللباس. وقيل: معنى قوله ﴿أنزل لكم من الأنعام﴾ جعلها نزلاً لكم ورزقاً ومعنى قوله ﴿ثمانية أزواج﴾ أي: ثمانية أصناف وهي الإبل والبقر والضأن والمعز من كل زوجان ذكر وأنثى كما بين في سورة الأنعام وقوله تعالى: ﴿يخلقكم في بطون أمهاتكم﴾ بيان لكيفية خلق ما ذكر من الأناسي والأنعام إظهاراً لما فيها من عجائب القدرة غير أنه تعالى غلب أولي العقل أو خصهم بالخطاب لأنهم المقصودون، وقرأ حمزة والكسائي في الوصل بكسر الهمزة، والباقون: بالضم وفي الابتداء الجميع بالضم وكسر حمزة الميم وفتحها الباقون ومعنى قوله تعالى: ﴿خلقاً من بعد خلق﴾ ما ذكره الله تعالى بقوله: ﴿ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين﴾ (المؤمنون: ١٢ ـ ١٣)
الآيات، وأما قوله تعالى: ﴿في ظلمات ثلاث﴾ فقال ابن عباس: ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة، وقيل: الصلب والرحم والبطن ﴿ذلكم﴾ أي: العالي المراتب بشهادتكم أيها الخلق كلكم بعضكم بلسان قاله وبعضكم بناطق حاله الذي جميع ما ذكر من أول السورة إلى هنا من أفعاله.
ولما أشار إلى عظمته بأداة البعد أخبر عن اسم الإشارة بقوله تعالى: ﴿الله﴾ أي: الذي خلق هذه الأشياء ﴿ربكم﴾ أي: الملك والمربي لكم بالخلق والرزق فهو المستحق لعبادتكم وقوله تعالى: ﴿له الملك﴾ يفيد الحصر أي: له الملك لا لغيره.
ولما ثبت أنه لا ملك إلا له وجب القول بأنه ﴿لا إله إلا هو﴾ أي: لا يشاركه في الخلق غيره. ولما بين بهذه الدلائل كمال قدرته ورحمته زيف طريقة المشركين بقوله تعالى: ﴿فأنى﴾ أي: فكيف ومن أي: وجه ﴿تصرفون﴾ عن طريق الحق بعد هذا البيان.
(٩/٣٤٨)