؟ أجيب: بأنه أنثها تحقيراً لما يدعون من دونه ولأنهم كانوا يسمونها بأسماء الإناث وهي اللات والعزى ومناة قال الله تعالى: ﴿أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى﴾ (النجم: ١٩ ـ ٢٠)
وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم
﴿قل يا قوم﴾ أي: الذين أرجوهم عند الملمات وفيهم كفاية في القيام بما يحاولون ﴿اعملوا على مكانتكم﴾ أي: على حالتكم فيه تهديد أي: أنكم تعتقدون في أنفسكم أنكم في نهاية القوة والشدة فاجتهدوا في أنواع مكركم وكيدكم، وقرأ شعبة بألف بعد النون جمعاً والباقون بغير ألف إفراداً ﴿إني عامل﴾ أي: في تقرير ديني ﴿فسوف تعلمون﴾ أي: بوعد لا خلف فيه.
﴿من يأتيه﴾ منا ومنكم بسبب أعماله ﴿عذاب يخزيه﴾ فإن خزي أعدائه دليل عليه وقد أخذهم الله تعالى يوم بدر ﴿ويحل﴾ أي: ينزل ﴿عليه عذاب مقيم﴾ أي: دائم وهو عذاب النار.
تنبيه: المكانة بمعنى المكان فاستعيرت من العين للمعنى كما استعير لفظ هنا وحيث للزمان وهما للمكان، فإن قيل: حق الكلام إني عامل على مكانتي فلم حذف؟ أجيب: بأنه حذف للاختصار ولما فيه من زيادة الوعيد والإيذان بأن حاله لا تقف وتزداد كل يوم قوة وشدة لأن الله تعالى ناصره ومعينه ومظهره على الدين كله، ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿فسوف تعلمون﴾ توعدهم بكونه منصوراً عليهم غالباً عليهم في الدنيا والآخرة.
ولما بين تعالى في هذه الآيات فساد مذاهبهم أي: المشركين تارة بالدلائل وتارة بضرب الأمثال وتارة بذكر الوعد والوعيد، وكان ﷺ يعظم عليه إصرارهم على الكفر كما قال ﴿فلعلك باخع نفسك على آثارهم﴾ (الكهف: ٤١ ـ ٤٧)
وقال تعالى: ﴿فلا تذهب نفسك عليهم حسرات﴾ (فاطر: ٨)
أردفه بكلام يزيل ذلك الحزن العظيم عن قلب رسول الله ﷺ فقال تعالى:
(٩/٣٨٤)