﴿ذلكم﴾ أي: القضاء النافذ العظيم العالي بتخليدكم في النار مقتاً منه لكم ﴿بأنه﴾ أي: كان بسبب أنه ﴿إذا دُعي الله﴾ أي: الملك الأعظم من أي داع وفي إعراب قوله تعالى ﴿وحده﴾ وجهان؛ أحدهما: أنه مصدر في موضع الحال وجاز مع كونه معرفة لفظاً لكونه في قوة النكرة كأنه قيل: منفرداً، ثانيهما: وهو قول يونس: أنه منصوب على الظرف، والتقدير: دعي على حِدَته وهو مصدر محذوف الزوائد، والتقدير: أوحدته إيحاداً. ﴿كفرتم﴾ بتوحيده ﴿وإن يشرك به﴾ أي: يجعل له تعالى شريك ﴿تؤمنوا﴾ أي: تصدقوا بالإشراك ﴿فالحكم﴾ أي: فتسبب عن القطع بأنه لا رجعة وأن الكفار ما ضروا إلا أنفسهم مع ادعائهم العقول الراجحة ونحو ذلك أن الحكم كله ﴿لله﴾ أي: المحيط بصفات الكمال ﴿العلي﴾ أي: عن أن يكون له شريك ﴿الكبير﴾ أي: الذي لا يليق الكبر إلا له.
ولما قصر الحكم عليه دل على ذلك بقوله تعالى:
﴿هو﴾ أي: وحده ﴿الذي يريكم﴾ أي: بالصبر والبصيرة ﴿آياته﴾ أي: علاماته الدالة على تفرده بصفات الكمال وأنه لا يجوز جعل هذه الأحجار المنحوتة والخشب المصور شركاء لله عز وجل في العبودية، ومن آياته الدالة على كمال القدرة والعظمة قوله تعالى: ﴿وينزل لكم من السماء﴾ أي: جهة العلو الدالة على قهر ما نزل منها بإمساكه إلى حين الحكم بنزوله ﴿رزقاً﴾ أي: أسباب رزق كالمطر لإقامة أبدانكم لأن أهم المهمات رعاية مصالح الأديان ومصالح الأبدان، والله تعالى راعى مصالح أديان العباد بإظهار البينات والآيات، وراعى مصالح أبدانهم بإنزال الرزق من السماء، فموقع الآيات من الأديان كموقع الأرزاق من الأبدان وعند حصولهما يكمل الأنعام الكامل، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بسكون النون وتخفيف الزاي والباقون بفتح النون وتشديد الزاي ﴿وما يتذكر﴾ ذلك تذكراً تاماً فيتعظ بهذه الآيات ﴿إلا من ينيب﴾ أي: يرجع إلى الله تعالى ويقبل بكليته إلى الله تعالى في جميع أموره فيعرض عن غير الله تعالى ولهذا قال عز من قائل: