﴿ويا قوم إني أخاف عليكم﴾ وقوله: ﴿يوم التناد﴾ أجمع المفسرون أنه يوم البعث وفي تسميته بهذا الاسم وجوه؛ أولها: أن أصحاب النار ينادون أصحاب الجنة وأصحاب الجنة ينادون أصحاب النار كما حكى الله تعالى عنهم، ثانيها: قال الزجاج: هو قوله تعالى ﴿يوم ندعو كل أناس بإمامهم﴾ (الإسراء: ٧١)
ثالثها: ينادي بعض الظالمين بعضاً بالويل والثبور فيقولون يا ويلنا. رابعها: ينادون إلى المحشر. خامسها: ينادى المؤمن ﴿هاؤم اقرؤوا كتابيه﴾ (الحاقة: ١٩)
والكافر ﴿يا ليتني لم أوت كتابيه﴾ (الحاقة: ٢٥)
. سادسها: ينادى باللعنة على الظالمين. سابعها: يجاء بالموت على صورة كبش أملح ثم يذبح بين الجنة والنار ثم ينادى يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت. ثامنها: ينادى بالسعادة والشقاوة إلا أن فلان بن فلان سعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً وفلان بن فلان شقى شقاوة لا يسعد بعدها أبداً وهذه الأمور كلها تجتمع في هذا اليوم فلا بد من تسميته بها كلها.
ولما كان عادة المتنادين الإقبال وصف ذلك اليوم بضد ذلك لشدة الأهوال فقال تعالى مبدلاً أو مبيناً:
﴿يوم تولون﴾ أي: عن الموقف ﴿مدبرين﴾ قال الضحاك: إذا سمعوا زفير النار وفروا هرباً فلا يأتون قطراً من الأقطار إلا وجدوا الملائكة صفوفاً فيرجعون إلى أماكنهم فذلك قوله تعالى: ﴿والملك على إرجائها﴾ (الحاقة: ١٧)
وقوله تعالى: ﴿يا معشر الجن والأنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان﴾ (الرحمن: ٣٣)
وقال مجاهد: فارين من النار غير معجزين، وقيل: منصرفين عن الموقف إلى النار ثم أكد التهديد بقوله تعالى: ﴿مالكم من الله﴾ أي: الملك الجبار الذي لا يذل ﴿من عاصم﴾ أي: من فئة تحميكم وتنصركم وتمنعكم من عذابه.
ثم نبه على قوة ضلالهم وشدة جهالتهم فقال تعالى: ﴿ومن يضلل الله﴾ أي: الملك المحيط بكل شيء ﴿فما له من هاد﴾ أي: إلى شيء ينفعه بوجه من الوجوه.
(٩/٤٥٧)