﴿إنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿لننصر رسلنا﴾ أي: على من عاداهم ﴿والذين آمنوا﴾ أي: اتسموا بهذا الوصف ﴿في الحياة الدنيا﴾ أي: بإلزامهم طريق الهدى الكفيلة بكل فوز وبالحجة والغلبة وإن غلبوا في بعض الأحيان، فإن العاقبة تكون لهم ولو بأن يقيض الله تعالى لأعدائهم من يقتص منهم ولو بعد حين وقل أن يتمكن أعداؤهم من كل ما يريدون منهم ﴿ويوم يقوم الأشهاد﴾ وهو جمع شاهد كصاحب وأصحاب والمراد بهم: من يقوم يوم القيامة للشهادة على الناس من الملائكة والأنبياء والمؤمنين، أما الملائكة فهم الكرام الكاتبون يشهدون للرسل بالتبليغ وعلى الكفار بالتكذيب، وأما الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقال تعالى: ﴿فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً﴾ (النساء: ٤١)
وأما المؤمنون فقال تعالى: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس﴾ (البقرة: ١٤٣)
وقوله تعالى:
(٩/٤٧٣)
﴿يوم﴾ بدل من يوم قبله أو بيان له أو نصب بإضمار أعني يوم ﴿لا تنفع الظالمين﴾ أي: الذين كانوا عريقين في وضع الأشياء في غير موضعها ﴿معذرتهم﴾ أي: اعتذارهم، فإن قيل: هذا يدل على أنهم يذكرون الأعذار ولكن تلك الأعذار لا تنفعهم فكيف هذا مع قوله تعالى: ﴿ولا يؤذن لهم فيعتذرون﴾ (المرسلات: ٣٦)
؟ أجيب: بأن هذا لا يدل على أنهم ذكروا الاعتذار بل ليس فيه إلا أن ليس عندهم عذر مقبول، وهذا لا يدل على أنهم ذكروه أم لا وأيضاً يوم القيامة يوم طويل فيعتذرون في وقت ولا يعتذرون في وقت آخر، وقرأ نافع والكوفيون بالياء التحتية والباقون بتاء الخطاب ﴿ولهم﴾ أي: خاصة ﴿اللعنة﴾ أي: البعد عن كل خير مع الإهانة بكل ضير ﴿ولهم﴾ أي: خاصة ﴿سوء الدار﴾ أي: الآخرة أي: أشد عذابها.
ولما بين تعالى أنه ينصر الأنبياء والمؤمنين في الدنيا والآخرة ذكر نوعاً من أنواع تلك النصرة في الدنيا فقال تعالى: