﴿ولقد آتينا﴾ أي: بما لنا من العزة ﴿موسى الهدى﴾ أي: ما يُهتَدَى به في الدنيا من المعجزات والصحف والشرائع ﴿وأورثنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿بني إسرائيل﴾ أي: بعدما كانوا فيه من الذل ﴿الكتاب﴾ أي: الذي أنزلناه عليه وآتيناه الهدى به وهو التوراة إيتاء هو الإرث لا ينازعهم فيه أحد توارثوه خلفاً عن سلف ولا أهل له في ذلك الزمان غيرهم وأورثناه لهم من بعد موسى عليه السلام حال كونه.
﴿هدى﴾ أي: بياناً عاماً لكل من تبعه ﴿وذكرى﴾ أي: عظة عظيمة ﴿لأولي الألباب﴾ أي: القلوب الصافية والعقول الوافية الشافية.
ولما بين تعالى أنه ينصر رسله وينصر المؤمنين في الدنيا والآخرة وضرب المثال في ذلك بحال موسى عليه السلام خاطب بعد ذلك محمداً ﷺ بقوله تعالى:
(٩/٤٧٤)
﴿فاصبر﴾ أي: يا أشرف الخلق على أذى قومك كما صبر موسى عليه السلام على أذى فرعون ﴿إن وعد الله﴾ أي: الذي له الكمال كله ﴿حق﴾ أي: في إظهار دينك وإهلاك أعدائك قال الكلبي: نسخت آية القتل آية الصبر، وقوله تعالى: ﴿واستغفر لذنبك﴾ إما أن يكون المصدر مضافاً للمفعول أي: لذنب أمتك في حقك، وإما أن يكون ذلك تعبداً من الله تعالى ليزيده به درجة وليصير سنة يستن به من بعده ﴿وسبح بحمد ربك بالعشي﴾ هو من بعد الزوال ﴿والإبكار﴾ قال الحسن رضي الله عنه: يعني صلاة العصر وصلاة الفجر. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الصلوات الخمس وذلك أن العشي من زوال الشمس إلى غروبها والإبكار من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ولما ابتدأ بالرد على الذين يجادلون في آيات الله واتصل الكلام بعضه ببعض على الترتيب المتقدم إلى هنا نبه تعالى على الماهية التي تحمل الكفار على تلك المجادلة فقال تعالى:
(٩/٤٧٥)


الصفحة التالية
Icon