ولما ذكر تعالى انتقال الأجسام من كونها تراباً إلى أن بلغت الشيخوخة واستدل بهذه التقديرات على وجود الإله القادر أنتج قوله تعالى:
﴿هو﴾ أي: لا غيره ﴿الذي يحيي ويميت﴾ كما تشاهدونه في أنفسكم فكما أن الانتقال من صفة إلى صفة أخرى من الصفات المتقدمة يدل على الإله القادر فكذلك الانتقال من الحياة إلى الموت وبالعكس يدل على الإله القادر.
ولما كانت إرادته لا تكون إلا تامة تسبب عن ذلك قوله تعالى: ﴿فإذا قضى أمراً﴾ أي أراد أي: أمر كان من القيامة أو غيرها ﴿فإنما يقول له كن فيكون﴾ فلا يحتاج في تكوينه إلى عدة وتجشم كلفة، وقرأ ابن عامر بنصب النون والباقون بالرفع وتقدم توجيه ذلك في سورة البقرة، ثم إنه تعالى عاد إلى ذم الذين يجادلون في آيات الله مخاطباً بذلك نبيه ﷺ فقال:
﴿ألم تر﴾ أي: يا أنور الناس قلباً وأصفاهم لباً ﴿إلى الذين يجادلون﴾ أي: بالباطل ﴿في آيات الله﴾ أي: الملك الأعظم ﴿أني﴾ أي: كيف ومن أي وجه ﴿يصرفون﴾ أي: عن التصديق وتكرير ذم المجادلة بتعدد المجادل والمجادل فيه أو للتوكيد وقوله تعالى:
﴿الذين كذبوا﴾ يجوز أن يكون بدلاً من الموصول قبله أو بياناً أو نعتاً أو خبر مبتدأ محذوف أو منصوباً على الذم ﴿بالكتاب﴾ أي: بسببه في جمع ما له من الشؤون التي تفوق الحصر وهو القرآن أو بجنس الكتب السماوية ﴿وبما أرسلنا﴾ أي: على ما لنا من العظمة ﴿به رسلنا﴾ أي: من جميع الملل والشرائع بكتاب كان أو بغيره ولذا تسبب عنه تهديدهم في قوله تعالى: ﴿فسوف يعلمون﴾ أي: بوعد صادق لا خلف فيه ما يحل بهم من سطواتنا وقوله تعالى:
(٩/٤٩١)