وقال الحسن بن الفضل: أي: لم نكن نصنع من قبل شيئاً، أي: ضاعت عبادتنا لها كما يقول من ضاع عمله ما كنت أعمل شيئاً ثم يقرنون بآلهتهم كما قال تعالى: ﴿إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم﴾ (الأنبياء: ٩٨)
أي: وقودها ﴿كذلك﴾ أي: مثل إضلال هؤلاء المكذبين ﴿يضل الله﴾ أي: المحيط علماً وقدرة عن القصد النافع من حجة وغيرها ﴿الكافرين﴾ أي: الذين ستروا مرائي بصائرهم لئلا ينجلي فيها الحق ثم صار لهم ذلك ديدناً.
﴿ذلكم﴾ أي: الجزاء العظيم ﴿بما كنتم﴾ أي: دائماً ﴿تفرحون﴾ أي: تبالغون في السرور وتستغرقون فيه ﴿في الأرض بغير الحق﴾ من الإشراك وإنكار البعث فأشعر ذلك أن السرور لا ينبغي إلا إذا كان مع كمال هذه الحقيقة وهي الثبات دائماً للمفروح به وذلك لا يكون إلا في الجنة ﴿وبما﴾ أي: وبسبب ما ﴿كنتم تمرحون﴾ أي: تبالغون في الفرح مع الأشر والبطر والنشاط الموجب للاختيال والتبختر والخفة بعدم احتمال الفرح.
تنبيه: قوله تعالى: ﴿تفرحون وتمرحون﴾ من باب التحنيس المحرف وهو أن يقع الفرق بين اللفظين بحرف.
ولما كان السياق لذم الجدال وكان الجدال إنما يكون عن الكبر قال تعالى:
﴿ادخلوا﴾ أي: أيها المكذبون ﴿أبواب جهنم﴾ أي: الأبواب السبعة المقسومة لكم قال تعالى: ﴿لها سبعة أبواب﴾ (الحجر: ٤٤)
لكل باب منهم جزء مقسوم، وسميت: جهنم لأنها تلقى صاحبها بتكبر وعبوس وتجهم ﴿خالدين فيها﴾ أي: مقدرين الخلود ﴿فبئس مثوى﴾ أي: مأوى ﴿المتكبرين﴾ أي: عن الحق والمخصوص بالذم محذوف أي: مثواكم، فإن قيل: كان قياس النظم أن يقول: فبئس مدخل المتكبرين كما تقول: زرت بيت الله فنعم المزار وصليت في المسجد فنعم المصلى؟ أجيب: بأن الدخول لا يدوم وإنما يدوم المثوى فلذلك خصه بالذم وإن كان الدخول أيضاً مذموماً.
ولما زيف تعالى طريقة المجادلين في آيات الله أمر نبيه ﷺ بالصبر بقوله:
(٩/٤٩٣)